مناهج المملكة العربية السعودية

من فنون النثر في العصر العباسي ما تدور موضوعاتها حول الكُدية والاستجداء والتحايل لكسب المال والطعام

إجابة سؤال: من فنون النثر في العصر العباسي ما تدور موضوعاتها حول الكُدية والاستجداء والتحايل لكسب المال والطعام

  • الجواب: المقامات.

شرح الإجابة:

المقامات تشكل بالفعل جانباً فريداً ومتميزاً من فنون النثر التي ازدهرت بشكل لافت في العصر العباسي، وهو ما يتفق مع الوصف المقدم. هذا اللون الأدبي ليس مجرد سرد حكايات، بل هو فن قائم بذاته يجمع بين السرد القصصي واللغة الفنية الرفيعة.

تدور غالبية حلقات المقامات، أو ما يعرف بـ المقامة الواحدة، حول شخصية محورية غالباً ما تكون واسعة الحيلة، بارعة في استخدام اللغة، تلجأ إلى أساليب مختلفة من الكُدية، وهي مصطلح يشمل التسول المقترن بالذكاء والفطنة، والاستجداء المباشر أو المقنع، إضافة إلى ضروب من التحايل والخداع بهدف الحصول على المال أو الطعام أو المتاع.

هذا التركيز على الكُدية والتحايل يعكس جانباً من الحياة الاجتماعية في تلك الفترة، حيث كانت هناك فئات تسعى للعيش مستغلة ذكاءها وقدرتها اللغوية بدلاً من العمل التقليدي.

تبرز المقامات براعة اللغة العربية وقدرتها على التعبير عن المواقف المتنوعة، غالباً ما يستخدم فيها السجع والجناس وغيرهما من المحسنات البديعية بشكل متقن، مما يجعل قراءتها متعة أدبية. تعتبر أعمال كل من بديع الزمان الهمذاني، الذي يُنظر إليه كمؤسس لهذا الفن، والحريري الذي طوره وأضاف إليه، من أبرز النماذج لهذا النوع الأدبي.

إقرأ أيضا:تؤثر قلة النوم على النمط الصحي للإنسان: صواب أم خطأ

ففي مقامات الهمذاني نجد شخصية أبو الفتح الإسكندري الذي يجسد المحتال الفصيح، ويرويه عيسى بن هشام، بينما في مقامات الحريري يأخذ أبو زيد السروجي دور الكدّاء البليغ، ويرويه الحارث بن همام. هذه الأعمال ليست مجرد قصص عن طلب الرزق بالحيلة، بل هي أيضاً لوحات أدبية تصور جوانب من المجتمع العباسي، وتظهر مهارة الكاتب في صوغ العبارات وتصوير المواقف بأسلوب يمزج بين الفكاهة والنقد الخفيف أحياناً.

الهدف من المقامات لم يكن فقط التسلية، بل كان أيضاً استعراض القدرات اللغوية والبلاغية للكاتب، وتعليم القارئ فنون البيان، وأحياناً تقديم نقد اجتماعي مبطن من خلال تصوير سلوكيات هذه الشخصيات المعتمدة على الحيلة.

لذلك، فإن المقامات تمثل تقاطعاً مهماً بين السرد الأدبي، البراعة اللغوية، وتصوير جانب من الواقع الاجتماعي والاقتصادي في العصر الذهبي للأدب العربي. إن فهم هذا الفن يفتح نافذة على كيفية تناول الأدب لقضايا المعيشة اليومية والتحديات التي تواجه الأفراد، حتى لو كان ذلك من خلال شخصيات استثنائية تعتمد على ذكائها الحاد وقدرتها على التلاعب بالكلمات والمواقف لتحصيل مرادها من المجتمع.

إقرأ أيضا:تعدّ كتابة الخطبة من التعبير الوظيفي
السابق
في أي المواد التالية تبقى الإلكترونات في أماكنها من الذرة نفسها ؟
التالي
من فوائد الاشجار الحية تنظيف الهواء الذي نتنفسه وتمد الناس بالغذاء والالياف والعقاقير الطبية

اترك تعليقاً