من هي أول قبيلة سكنت الكويت

من هي أول قبيلة سكنت الكويت؟

شرح الإجابة

إن جذور القصة تمتد إلى قلب شبه الجزيرة العربية، وتحديداً من إقليم نجد في القرن السابع عشر ميلادي. من هناك، انطلقت هجرة العتوب، الذين يُعدون النواة الأولى لتأسيس الكيان الكويتي الحديث، متخذين في البداية من واحات الإحساء محطةً لهم. بيد أن هذا الاستقرار لم يدم طويلاً، إذ سرعان ما دفعتهم الظروف لمواصلة الترحال بحثاً عن موطئ قدم أكثر استقراراً وأمناً.

ووصلت رحلتهم إلى الساحل القطري، حيث وجدوا ملاذاً مؤقتاً في قرية تُعرف باسم الفريحة، المجاورة لمنطقة الزبارة الشهيرة. في تلك الحقبة، كانوا في كنف وحماية آل مسلم، الذين كانوا يمثلون السلطة الحاكمة في قطر آنذاك، مما أتاح لهم فرصة لإعادة تنظيم صفوفهم والتخطيط لخطوتهم التالية التي ستغير مجرى تاريخ المنطقة.

ثم، وفي منعطف تاريخي حاسم، وجهت جماعات العتوب أنظارها شمالاً نحو أرض الكويت. وفي عام 1127 هجرياً، الموافق لعام 1715 ميلادياً، تقدموا بطلب الاستئذان من قبيلة بني خالد، القوة المهيمنة التي كانت تبسط سيطرتها على إقليم الإحساء والمناطق الساحلية المجاورة. وقد جاء الرد بالإيجاب، ليُؤذن لهم بالإقامة والاستقرار في هذه البقعة الاستراتيجية تحت مظلة الحماية الخالدية.

لم يقتصر وجودهم على الاستقرار فحسب، بل تحولوا بسرعة إلى قوة اقتصادية فاعلة. فبفضل موقع الكويت البحري الفريد، امتهنوا الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، الذي كان عصب الاقتصاد في الخليج العربي، كما نظموا خطوطاً تجارية بحرية نشطة امتدت حتى سواحل الهند. لقد أدت هذه البراعة في التجارة البحرية إلى ازدهار أعمالهم بشكل لافت، ووضعتهم في صدارة المشهد الاقتصادي.

ونتيجةً لهذا النشاط الدؤوب والازدهار الاقتصادي، بدأت البلدة الصغيرة تنمو وتتسع، جاذبةً إليها المزيد من السكان والتجار. وهكذا، فإن استقرار العتوب لم يكن مجرد هجرة عابرة، بل كان بمثابة وضع حجر الأساس لنشوء وتطور دولة الكويت، التي تحولت بفضلهم من مجرد ميناء صغير إلى مركز تجاري وحضاري مهم في المنطقة.