من هي والدة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام

السؤال: من هي والدة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام؟

شرح الإجابة :

إن الإجابة على هذا السؤال لا تكمن في مجرد ذكر اسم، بل في استيعاب المكانة العظيمة التي شغلتها هذه الشخصية المحورية في فجر التاريخ الإسلامي. فوالدة فاطمة الزهراء لم تكن امرأة عادية، بل هي خديجة بنت خويلد، تلك السيدة الجليلة التي عُرفت في مجتمع مكة المكرمة قبل الإسلام بلقب “الطاهرة”؛ وهو وسام شرف يعكس نقاء سيرتها وعلو شأنها بين أقرانها، كما كانت تُعرف بـ “سيدة قريش” لرجاحة عقلها وثروتها ومكانتها الرفيعة.

ومن هنا، تتجلى لنا حكمة الاقتران المبارك؛ إذ إنها لم تكن فقط الزوجة الأولى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، بل كانت هي من اختارته لشخصه وكريم خصاله حين كان يُعرف بلقب “الأمين”. هذا الارتباط لم يكن مبنياً على المصالح الدنيوية، وإنما على تقدير عميق لجوهر إنساني فريد، فكان هذا الزواج هو الوعاء الذي احتضن بذور البيت النبوي الشريف.

بل يتجاوز الأمر ذلك، فالسيدة خديجة كانت الصخرة التي استندت إليها الدعوة الإسلامية في أشد لحظاتها حساسية. فعندما نزل الوحي لأول مرة على النبي في غار حراء وعاد يرتجف، كانت هي ملاذه الآمن وعقله الراجح. لم تتردد لحظة واحدة في تصديقه، فكانت بذلك أول من آمن برسالته على الإطلاق، مقدمةً دعمًا نفسيًا وماديًا لا يقدر بثمن، إذ وضعت كل ثروتها في خدمة هذه الرسالة الوليدة.

في هذا الجو المشحون بالإيمان والتضحية والنبل، وُلدت وترعرعت سيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء. لقد نشأت في كنف أمٍّ هي القدوة الأولى في الإيمان والثبات، وأبٍ هو خاتم الأنبياء والمرسلين. فكانت شخصية الزهراء انعكاسًا أصيلًا لهذه التربية الفريدة، حيث ورثت عن أمها الحكمة والصبر، وعن أبيها النور والهدى.

لذلك، فإن ذكر اسم السيدة خديجة كوالدة للسيدة فاطمة لا يكتمل إلا بفهم دورها التأسيسي؛ فهي ليست مجرد أم، بل هي الشريك الأول في الرسالة، والسند الذي ثبت به قلب النبي، والشخصية التي أثرى وجودها التاريخ حتى أصبحت وفاتها في “عام الحزن” حدثًا فارقًا. إنها تمثل نموذجًا للمرأة التي لا يقتصر دورها على الأمومة، بل يمتد ليشمل بناء الأمة وصناعة التاريخ.