السؤال: هل تدور جميع أجزاء الأرض بالمعدل نفسه وضح ذلك
شرح الإجابة:
إن الإجابة بنعم قد تبدو محيرة في الوهلة الأولى، لكنها ترتكز على مبدأ فيزيائي أساسي. فالأرض، في جوهرها، تتصرف كجسم صلب متماسك يدور حول محوره. هذا يعني أن كل نقطة على سطحها، سواء كانت في القاهرة أو في طوكيو، تكمل دورة كاملة مقدارها 360 درجة في المدة الزمنية ذاتها، وهي يوم فلكي واحد (حوالي 23 ساعة و56 دقيقة). هذا التزامن في إتمام الدورة الكاملة هو ما نعنيه بـ “المعدل نفسه”، ويُعرف علمياً باسم “السرعة الزاوية”، وهي ثابتة لجميع أجزاء الكوكب.
ولتقريب الصورة، تخيل قرصاً دوّاراً. لو وضعت نملة قرب مركزه وأخرى عند حافته الخارجية، ستلاحظ أن كلتيهما تكملان دورة كاملة في نفس اللحظة. فمعدل دورانهما واحد، لأنهما جزء من الجسم الدوّار نفسه. هذا المثال يوضح تماماً ما يحدث مع كوكبنا؛ فكل مدينة وكل قارة وكل محيط هي جزء لا يتجزأ من هذا الجرم السماوي الدوّار، وتلتزم بنفس الإيقاع الزمني لإتمام دورة واحدة حول المحور القطبي.
بيد أن هذا التشابه في معدل الدوران لا يعني تطابقاً في السرعة الخطية الفعلية. وهنا يكمن مفتاح الفهم العميق للمسألة. فالسرعة الخطية لأي نقطة تعتمد على المسافة التي تقطعها خلال تلك الدورة. فالنقطة الواقعة على خط الاستواء، مثلاً، تقطع محيط الأرض الأكبر (حوالي 40,075 كيلومتراً) خلال 24 ساعة، مما يجعل سرعتها الخطية هائلة، إذ تبلغ قرابة 1,670 كيلومتراً في الساعة.
إقرأ أيضا:التلسكوب ذو القطر الصغير غير قادر على التمييز بين صورتين لنجمين متقاربين جداًفي المقابل، كلما اتجهنا شمالاً أو جنوباً بعيداً عن خط الاستواء، تضيق الدائرة التي تقطعها النقطة خلال دورانها. فعلى سبيل المثال، شخص يقف في مدينة مثل لندن يقطع مسافة أقصر بكثير في نفس المدة الزمنية، وبالتالي تكون سرعته الخطية أقل. أما عند القطبين الشمالي والجنوبي تحديداً، فإن النقطة تكاد تدور حول نفسها في مكانها، وتكون سرعتها الخطية تقترب من الصفر.
إقرأ أيضا:ما قيمة ص³ عندما ص = -4خلاصة القول، إن الإجابة الدقيقة تعتمد على التمييز بين مفهومين: “المعدل الزاوي” للدوران وهو ثابت ومتساوٍ في كل مكان على الأرض، و”السرعة الخطية” المماسية التي تتغير بشكل كبير وتتناقص كلما ابتعدنا عن خط الاستواء واقتربنا من القطبين. لذا، نعم، المعدل واحد، لكن السرعة تختلف.