مناهج المملكة العربية السعودية

هل ظلم الغرب إنجازات العلماء العرب وإنجازات الحضارة الإسلامية ؟

إجابة سؤال: هل ظلم الغرب إنجازات العلماء العرب وإنجازات الحضارة الإسلامية؟

  • الجواب: نعم، إلى حدٍّ كبير، ظلم الغرب إنجازات العلماء العرب والمسلمين، سواء عن قصد أو بسبب الجهل بتاريخ الحضارة الإسلامية ودورها في بناء العلم الحديث.

شرح الإجابة:

عندما ننظر إلى تاريخ العلوم، نجد أن الحضارة الإسلامية كانت الجسر الذي عبرت من خلاله المعرفة الإغريقية والفارسية والهندية إلى أوروبا. في القرون الوسطى، بينما كانت أوروبا غارقة في الجهل، كانت بغداد وقرطبة والقاهرة ودمشق منارات للعلم والبحث والتجريب. ومع ذلك، حين نهض الغرب لاحقًا في ما يسمى بـ”عصر النهضة”، نُسبت كثير من تلك المعارف إلى علماء أوروبيين، وتُركت أسماء العلماء العرب في الظل، وكأنهم لم يكونوا جزءًا من هذه الرحلة الكبرى للعلم.

ولكي نفهم عمق هذا الظلم، يكفي أن نعرف أن الخوارزمي هو الذي وضع أسس علم الجبر، ومع ذلك يُذكر اليوم “Algebra” وكأنها كلمة غربية، بينما أصلها عربي. وابن الهيثم الذي وضع قواعد المنهج العلمي التجريبي قبل “غاليليو” و”ديكارت”، لا يُذكر إلا قليلًا في الكتب المدرسية الغربية. أما الزهراوي، رائد علم الجراحة، فكتبه تُرجمت إلى اللاتينية واستُخدمت في الجامعات الأوروبية قرونًا، دون أن يُشار إلى اسمه إلا بخط صغير.

لقد كان الغرب، في كثير من الأحيان، يتعامل مع إنجازات المسلمين على أنها مواد خام، يُعيد صياغتها بلغته ويقدّمها كإبداع جديد. وربما لم يكن هذا بدافع الحقد دائمًا، بل لأن التاريخ يُكتبه الأقوياء، ومن امتلك القوة والهيمنة الإعلامية والعلمية، استطاع أن يصنع روايته الخاصة. ومع مرور الزمن، غابت الأسماء العربية من المناهج الغربية، فأصبح الطالب الأوروبي يظن أن كل اكتشاف بدأ في أوروبا وانتهى فيها.

لكن الحقيقة مختلفة. فبدون ترجمة بيت الحكمة وبدون علوم علماء المسلمين في الفلك والكيمياء والطب والرياضيات، ما كانت أوروبا لتبني نهضتها. لقد كانت تلك الجهود الإسلامية هي الأساس الذي بُنيت عليه الجامعات والمخابر الحديثة. ومع ذلك، لا نجد إلا إشارات خجولة في بعض الكتب، بينما يجب أن تُروى القصة كاملة بعدل وصدق.

إن الغرب اليوم بدأ يُعيد اكتشاف هذا التراث الضخم شيئًا فشيئًا، عبر مؤسسات بحثية ومتاحف علمية بدأت تُنصف العلماء العرب. ولكن الطريق ما زال طويلاً حتى يعرف العالم أن الحضارة الإسلامية لم تكن ناقلًا فحسب، بل كانت خالقًا للمعرفة، ومهّدت للعصر الحديث بأفكارها ونظامها في التفكير العلمي.

وهنا تتضح الإجابة بجلاء: نعم، لقد ظُلم العلماء العرب والمسلمون في التاريخ الغربي، لكن الاعتراف يبدأ بالوعي، والوعي يبدأ حين نُعلّم أبناءنا تاريخهم كما هو، لا كما كُتب في كتب غيرهم.

السابق
الحضارة الإسلامية أعم وأشمل من الحضارات السابقة صح ام خطأ
التالي
لماذا تراجعت الحضارة الإسلامية في مجالات العلم اليوم

اترك تعليقاً