السؤال: هل يسقط القرض في حالة الوفاة في الأردن
شرح الإجابة:
في السياق القانوني الأردني، تُعد الوفاة سبباً مباشراً لانقضاء الالتزامات الشخصية، وذلك استناداً إلى مبدأ قانوني راسخ يُعرف بزوال الالتزام بزوال شخص المدين. هذا المبدأ يندرج ضمن القواعد العامة للمعاملات المدنية، حيث يُعتبر القرض التزاماً شخصياً ينتهي بوفاة صاحبه، ما لم يكن مرتبطاً بضمانات أو أصول تجارية مستقلة. ومن هنا، فإن القروض الشخصية التي لا ترتبط بمشاريع إنتاجية أو تجارية تُعد ساقطة قانوناً بمجرد وفاة المقترض، ولا يُطالب الورثة بسدادها من أموالهم الخاصة.
لكن هذا السقوط لا يعني تجاهل التركة، إذ تُعامل التركة باعتبارها كياناً مالياً مستقلاً يحتوي على موجودات ومطلوبات. وعليه، فإن الجهات المختصة، مثل المحكمة الشرعية أو دائرة الأراضي، تقوم بتقييم التركة وتحديد ما إذا كانت تحتوي على أموال تكفي لتغطية الديون المستحقة. فإذا وُجدت أموال كافية، تُسدد الديون من التركة قبل توزيعها على الورثة، دون أن يُلزم أي وريث بالسداد من ماله الخاص. هذا الإجراء يضمن العدالة بين الدائنين والورثة، ويمنع انتقال العبء المالي إلى من لم يكن طرفاً في العقد الأصلي.
إقرأ أيضا:ما هي إحدى فوائد فهم المستخدم المستهدف؟أما في حالة القروض التجارية، فالوضع يختلف جذرياً. القرض التجاري يُمنح عادة لتمويل مشروع إنتاجي أو تجاري، ويُعتبر المشروع ذاته الضامن الأساسي لسداد الدين. لذلك، لا يسقط هذا النوع من القروض تلقائياً عند وفاة المقترض، بل يُعاد تنظيم العلاقة المالية بحيث تُستوفى الأقساط من أرباح المشروع القائم. هذا الإجراء يُنفذ وفق آلية دقيقة تشمل:
1. تقييم المشروع من حيث الربحية والاستمرارية بعد الوفاة.
2. فتح حساب خاص لعوائد المشروع تحت إشراف الورثة أو جهة قانونية.
3. تحويل الأرباح بشكل دوري إلى الجهة الممولة حتى استيفاء كامل الدين.
4. بعد سداد القرض، يُعاد توزيع الأرباح المتبقية وفق أحكام الإرث الشرعي.
هذا التنظيم المالي يحقق توازناً دقيقاً بين حماية حقوق المؤسسات التمويلية وضمان عدم تحميل الورثة أعباء مالية غير عادلة. كما يُسهم في استمرارية المشاريع التجارية التي قد تكون مصدر رزق لعائلة المتوفى، دون أن يُعطلها الدين أو يُجمد نشاطها.
من زاوية أخرى، يُلاحظ أن هذا النظام القانوني يُراعي البُعد الاجتماعي والاقتصادي، إذ يُفرق بين الالتزامات الفردية التي تنتهي بالوفاة، وبين الالتزامات المرتبطة بأصول إنتاجية يمكن أن تستمر وتُحقق أرباحاً. وهذا التفريق يُعزز منطق العدالة ويُرسخ مفاهيم المسؤولية المالية دون أن يُخل بحقوق الورثة أو يُهدر حقوق الدائنين.
في المحصلة، يُمكن القول إن القانون الأردني يُقدم معالجة متوازنة لمسألة القروض بعد الوفاة، حيث يُسقط القروض الشخصية تلقائياً، ويُعيد تنظيم القروض التجارية بما يضمن استيفاء الحقوق دون المساس بأموال الورثة الخاصة. هذا النموذج يُعد مثالاً على التفاعل الذكي بين القانون والواقع الاقتصادي، ويُبرز أهمية فهم طبيعة الدين قبل الحكم بسقوطه أو استمراره.
إقرأ أيضا:من قائل إن الخيولَ وإن تراها أُرهِقت