هل يمكنك الدوران في منعطف بتسارع ثابت؟ فسر إجابتك

السؤال: هل يمكنك الدوران في منعطف بتسارع ثابت؟ فسر إجابتك

• الإجابة: لا، لا يمكن الدوران في منعطف بتسارع ثابت بالمفهوم الكامل للكلمة، لأن اتجاه التسارع يتغير باستمرار حتى لو بقي مقداره عدديًا ثابتًا.

شرح الإجابة:

لكي نفهم هذه المسألة بعمق، يجب أن نفرق أولاً بين مفهومين فيزيائيين قد يبدوان متشابهين ولكنهما مختلفان جوهريًا: السرعة كقيمة عددية (Speed)، والسرعة كقيمة متجهة (Velocity). القيمة العددية للسرعة هي مجرد رقم يصف مدى سرعة تحرك جسم ما، كأن نقول إن سيارة تسير بسرعة 80 كيلومترًا في الساعة. أما السرعة المتجهة فهي أعمق من ذلك، إذ تصف ليس فقط مقدار السرعة، بل واتجاه حركتها أيضًا، كأن نقول إن السيارة تسير بسرعة 80 كيلومترًا في الساعة نحو الشمال.

وانطلاقًا من هذا التأسيس، يُعرَّف التسارع على أنه معدل التغير في “السرعة المتجهة” وليس فقط في مقدارها. هذا يعني أن أي جسم يتعرض للتسارع في حالتين: إما أن يتغير مقدار سرعته (يزيد أو ينقص)، أو أن يتغير اتجاه حركته، أو كلاهما معًا. فبمجرد أن يبدأ الجسم بتغيير مساره المستقيم والدخول في منعطف، فإن اتجاه حركته يتغير في كل لحظة، وبالتالي فإن سرعته المتجهة تتغير، وهذا بحد ذاته هو التسارع.

وهنا تكمن النقطة الجوهرية في إجابتنا. عندما نقول إن شيئًا ما “ثابت” في الفيزياء، فإننا نعني أنه لا يتغير لا في المقدار ولا في الاتجاه. التسارع، مثله مثل السرعة المتجهة، هو كمية متجهة له مقدار واتجاه. أثناء دوران سيارة في منعطف دائري بسرعة عددية ثابتة (لنفترض 60 كم/ساعة)، فإنها تتعرض لنوع من التسارع يسمى “التسارع المركزي”، وهو الذي يجبرها على البقاء في مسارها الدائري ويكون اتجاهه دائمًا نحو مركز هذا المنعطف.

لكن، ومع تحرك السيارة على طول المنعطف، فإن اتجاه هذا “المركز” يتغير باستمرار بالنسبة للسيارة. فعند نقطة ما يكون التسارع متجهًا إلى اليسار، وبعد قليل يصبح متجهًا للأمام المائل لليسار، وهكذا. إذن، على الرغم من أن مقدار أو قيمة التسارع قد تظل ثابتة في حالة الحركة الدائرية المنتظمة، إلا أن اتجاهه في حالة تغير مستمر ودائم. وبما أن أحد مكوني التسارع (الاتجاه) متغير، فإن التسارع كقيمة متجهة كلية لا يمكن وصفه بأنه “ثابت”.

خلاصة القول هي أن الدوران في منعطف يتطلب بالضرورة وجود تسارع للحفاظ على المسار المنحني، وهذا التسارع لا يمكن أن يكون ثابتًا لأن اتجاهه يتغير لحظيًا ليظل مشيرًا نحو مركز الانحناء، مما ينفي صفة الثبات عنه ككمية فيزيائية متجهة.