هل يرث الوالدين ابنهم إذا كان له وَلَدٌ

هل يرث الوالدين ابنهم إذا كان له وَلَدٌ؟

شرح الإجابة:

إن مسألة الميراث في التشريع الإسلامي هي نظام دقيق ومحكم، لا يترك مجالاً للاجتهادات العشوائية، بل يقوم على أسس واضحة من القرآن الكريم والسنة النبوية. وفي صميم هذا النظام، نجد أن حقوق الوالدين محفوظة بشكل قاطع، فهما من أصول المتوفى الذين لا يُحجبون عن الميراث أبدًا، أي لا يسقط حقهما في التركة بوجود أي وريث آخر.

وبالانتقال إلى تفصيل هذه القاعدة، فإن وجود الفرع الوارث للمتوفى، وتحديداً الذكر منه كالابن أو ابن الابن، يؤثر في مقدار حصة الأبوين ولكنه لا يلغيها. بناءً على هذا، وبموجب الإجماع الفقهي المستند إلى الآية الكريمة من سورة النساء: ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ﴾، يتقرر لكل واحد من الأب والأم نصيب محدد وثابت وهو السدس.

يترتب على ذلك، أن وجود ابن للمتوفى أو حفيد (ابن الابن) يحصر نصيب الأب في سدس التركة فرضًا، وكذلك نصيب الأم في سدس التركة فرضًا. فلو ترك شخصٌ ما أبًا وأمًا وابنًا، فإن التركة تقسم بحيث يأخذ الأب السدس، وتأخذ الأم السدس، ويذهب الباقي وهو أربعة أسداس إلى الابن، وهذا يجسد التوازن في توزيع الثروة بين الأجيال المختلفة، الأصول والفروع.

ومن المهم الإشارة إلى أن مفهوم كلمة “وَلَد” في سياق هذه الآية تحديداً، قد حمله جمهور الفقهاء على الفرع الوارث المذكر (الابن وابن الابن وإن نزل)، وهو ما يميز هذه الحالة عن حالة وجود فرع وارث مؤنث فقط (بنت أو بنت ابن). ففي حال وجود بنات فقط للمتوفى، فإن نصيب الأم يبقى السدس، بينما يأخذ الأب السدس فرضًا بالإضافة إلى ما قد يتبقى من التركة بعد أصحاب الفروض الأخرى بطريق العصوبة، مما يظهر دقة الفروقات في نظام المواريث.

وخلاصة القول، أن العلاقة بين الآباء والأبناء لا تنقطع بالوفاة، بل تمتد لتشمل الحقوق المالية المترتبة عليها. فحق الوالدين في ميراث ابنهما هو حق أصيل ومكفول شرعًا، لا يسقطه وجود الأبناء، بل يتحدد مقداره فقط، مما يعكس مبدأ التكافل والبر الذي تقوم عليه الأسرة في الإسلام، ويضمن عدم إغفال حقوق الأصول (مثل الجد أو الجدة في حالات أخرى) في ثروة فروعهم.