معنى عُرُبًا أَتْرَابًا في القرآن

ما معنى عُرُبًا أَتْرَابًا في القرآن؟

شرح الإجابة

إن فهم هذه الآية الكريمة يفتح نافذة على صورة من صور النعيم الذي أعده الله لعباده الصالحين، فالوصف هنا لا يقتصر على الجمال الظاهري، بل يتعمق في وصف الحالة النفسية والعلاقة المثالية. فكلمة “عُرُبًا” كما فسرها المفسرون، تحمل في طياتها معاني الود والمحبة العميقة، فهي تصف المرأة المتحببة إلى زوجها، التي تتقن فن التودد إليه والتعبير عن عشقها له، وهو ما يُعرف بـ حُسن التبعل. وتتجلى هذه الصفة في الغنج والدلال الذي يزيد من أواصر المحبة، لتكون علاقة قائمة على عشق متبادل، حيث كل طرف يجد في الآخر كمال السعادة والرضا.

ثم يأتي الشق الثاني من الوصف “أَتْرَابًا” ليكمل هذه الصورة المتناغمة، فهذه الكلمة تعني أنهن متساويات في السن، أقران لبعضهن البعض، وقد حددتها بعض التفاسير بسن ثلاث وثلاثين سنة، وهو عمر كمال الشباب والقوة. لكن المعنى يتجاوز مجرد التساوي في العمر، لينتقل إلى فكرة التجانس والتكافؤ، فهن أمثال في الجمال والشباب، مما يخلق بيئة من الألفة والانسجام، حيث يلعبن ويتآلفن معًا دون فوارق أو تمييز.

والأهم من ذلك، أن هذا التقارب لا يقف عند حدود العمر والشكل، بل يمتد ليشمل الأخلاق والطباع. فهن متآخيات في الله، طهرت قلوبهن من مشاعر التباغض والتحاسد التي قد تنشأ بين الضرائر في الحياة الدنيا. وهذا يخلق حالة فريدة من السلام الاجتماعي والنفسي، حيث تكون العلاقة بينهن مبنية على المحبة الصافية والأخوة، فتكتمل بذلك أركان النعيم، حيث السعادة ليست فردية فقط، بل جماعية تشمل كل من في دار النعيم.

وتكتمل هذه اللوحة البديعة بما ورد في السنة النبوية من وصف لحالهن، حيث تصف الأحاديث الشريفة اجتماع الحور العين وهن يرفعن أصواتهن بالغناء، معلنات عن خلودهن ونعيمهن الدائم ورضاهن الذي لا يعرف السخط، ويصفن أنفسهن بأنهن “خيرات حسان خُبئن لأزواج كرام”. وبهذا، فإن عبارة “عُرُبًا أَتْرَابًا” لا تصف مجرد شكل، بل تصف حالة متكاملة من الكمال العاطفي والاجتماعي والروحي، كجزء من الجزاء العظيم للمؤمنين.