ما هو الشيء الذي يحمل أثقل الأحمال ولكنه يعجز عن حمل إبرة؟
الإجابة هي: البحر
شرح الإجابة
إن الإجابة تتجلى في فهم الطبيعة الفيزيائية للمياه وقوانينها الفريدة. فإذا ما تأملنا في عظمة المحيطات، نجدها تحتضن على سطحها أوزاناً تفوق الخيال، فهي تحمل السفن العملاقة وناقلات النفط التي تزن مئات الآلاف من الأطنان، بل وتدفع أمامها الجبال الجليدية الشاهقة وكأنها قطع من الفلين. هذه القدرة الهائلة على الحمل لا تنبع من قوة سحرية، بل تستند إلى قوة الطفو، وهي قوة فيزيائية عظيمة تنشأ من إزاحة كمية هائلة من الماء تساوي وزن الجسم الطافي، وهو ما يعرف بـمبدأ أرخميدس.
وعلى النقيض من ذلك تماماً، تكمن نقطة الضعف الظاهرية في تعامل البحر مع جسم صغير كالإبرة. فالإبرة، على الرغم من خفة وزنها المطلق، تتميز بصفتين تجعلانها تغوص فوراً: الكثافة العالية لمادة صنعها (الفولاذ) مقارنة بالماء، وشكلها المدبب الدقيق. هذا الرأس الحاد يركز وزن الإبرة بالكامل في نقطة متناهية الصغر، مما يسمح لها باختراق التوتر السطحي للماء بسهولة، وهي تلك الطبقة الرقيقة المتماسكة على سطح السائل، فتغوص مباشرة إلى القاع دون أن تمنح الكتلة المائية فرصة لتوليد قوة طفو كافية لرفعها.
فجوهر الأمر إذن ليس في الوزن بحد ذاته، بل في العلاقة بين شكل الجسم وكثافته وتوزيعه على مساحة السطح. فالسفينة الضخمة، بهيكلها الأجوف الواسع، توزع وزنها الهائل على مساحة شاسعة، مما يمكنها من إزاحة كمية كافية من الماء لتطفو. أما الإبرة، فتركيزها الحاد وقدرتها على تمزيق غشاء الماء السطحي يحكمان عليها بالغرق. وهكذا، فإن هذا اللغز يكشف عن مفارقة فيزيائية بديعة، حيث القوة المطلقة تخضع لقوانين دقيقة، وقد يعجز الجبار عما يستطيعه الهباء.
إقرأ أيضا:كيف يتم التداوي في عصرنا الحاضر: تطور الطب عبر العصور