السؤال: لماذا سميت عمان باسم مزون؟
شرح الإجابة:
في جوهر هذا الاسم القديم، “مزون”، تكمن قصة جغرافية وحضارية عميقة. فالاسم مشتق بشكل مباشر من الكلمة العربية الفصيحة “المُزْن”، وهي لا تعني أي سحاب، بل تشير تحديداً إلى السحب الكثيفة المحملة بالمياه الغزيرة الجاهزة للهطول. هذا الوصف الدقيق لم يكن مجرد تسمية شعرية، بل كان انعكاساً صادقاً لطبيعة الأرض العُمانية في فترات تاريخية سابقة، حيث كانت تتميز بوفرة استثنائية في مواردها المائية من عيون وينابيع وأمطار موسمية، مما جعلها واحة خضراء في محيط شبه الجزيرة العربية الذي يغلب عليه الجفاف.
وبفضل هذا السخاء المائي، قامت على أرض عُمان حضارة زراعية مزدهرة منذ القدم. فقد مكنت المياه الوفيرة من استصلاح الأراضي ونشوء مجتمعات مستقرة تعتمد على الفلاحة، وهو ما ميزها عن الأنماط الحياتية السائدة في المناطق المجاورة. وبالتالي، لم يكن اسم “مزون” مجرد دلالة على المطر، بل كان رمزاً للخصوبة والنماء والازدهار الذي نتج عن هذه المياه المباركة.
أما عن الجهة التي أطلقت هذه التسمية، فتشير الدلائل التاريخية إلى الفرس، وتحديداً خلال فترة نفوذهم الساساني على المنطقة التي امتدت تقريباً من عام 224م إلى 629م. لقد رأى الفرس في عُمان أرضاً فريدة بثروتها المائية التي كانت عصب الحياة والاقتصاد آنذاك، فأطلقوا عليها اسم “مزون” كإقرار منهم بأهميتها الاستراتيجية وسمتها الجوهرية التي ميزتها. وهكذا، فإن هذا الاسم ليس مجرد كلمة، بل هو شهادة تاريخية من قوة إقليمية كبرى على تفرد الطبيعة العُمانية وغناها الحضاري القديم.