السؤال: من هي ام القرى التي لم تلد ولم تتزوج ولم تنجب؟
شرح الإجابة:
إن الإجابة عن هذا اللغز لا تكمن في عالم الأحياء، بل في أعماق الدلالات الرمزية واللغوية للقرآن الكريم. فالتسمية “أم القرى” ليست وصفاً بيولوجياً، وإنما هي لقب تشريفي عظيم لمكة المكرمة، يشير إلى مكانتها المحورية والمركزية في رسالة الإسلام وعلى وجه الأرض. ببساطة، كلمة “أم” هنا تعني الأصل والمنبع والمرجع الأساسي، تماماً كما تكون الأم هي أصل عائلتها ومرجع أبنائها.
وقد ورد هذا اللقب صراحة في كتاب الله، وتحديداً في سورة الأنعام، حيث يقول الله تعالى مخاطباً نبيه الكريم: “وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا”. هذا التخصيص الإلهي يضع مكة في قلب دائرة الإنذار والهداية، فهي النواة التي انطلقت منها دعوة التوحيد لتشع على بقية المدن والبلدات في كل مكان. وبالتالي، فإن علاقتها ببقية الأماكن هي علاقة الأصل بالفرع، والمركز بالمحيط.
من هذا المنطلق، تتضح عبقرية اللغز. فهو يجمع بين لقب حقيقي وواقع مادي. فمكة المكرمة هي “الأم” من الناحية الروحية والحضارية، فهي التي احتضنت بيت الله الحرام، أول بيت وُضع للناس، وهي قبلة المسلمين التي يتجهون إليها في صلواتهم من كل فج عميق. كما أنها مهبط الوحي ومولد خاتم الأنبياء والمرسلين، مما يجعلها المنبع الذي ارتوت منه الأمة الإسلامية بأكملها.
إقرأ أيضا:الاختلاف في القوام يعني الاختلاف في شكل الجسم وحجمه صواب خطأوفي المقابل، ولكي تكتمل أركان اللغز، فإنها ككيان جغرافي ومكان مقدس، لا تتصف بصفات الكائنات الحية. فهي بقعة من الأرض، لا تتزوج ولا تحمل ولا تنجب بالمعنى الحرفي. هذا التلاقي بين المعنى المجازي السامي والحقيقة المادية الملموسة هو ما يجعل الإجابة فريدة ومباشرة. فمكة هي أمٌ للقرى بمنزلتها ومكانتها، لكنها ليست أماً تلد وتنجب، وبهذا يجتمع طرفا اللغز في إجابة واحدة بليغة وعميقة.
إقرأ أيضا:ما الهدف من حروب الجيل الرابع