السؤال: في اي بلد تقع جاتال هويوك؟
- الإجابة: تقع جاتال هويوك في تركيا.
شرح الإجابة:
إن موقع جاتال هويوك الأثري لا يستقر في أي بقعة عادية، بل يتربع في قلب هضبة الأناضول، وتحديداً ضمن حدود دولة تركيا المعاصرة بالقرب من مدينة قونية. هذا المكان ليس مجرد أطلال قديمة، بل هو نافذة نادرة نطل منها على فجر التجمعات البشرية المنظمة، حيث يعتبره علماء الآثار واحداً من أقدم المراكز الحضرية التي عرفتها الإنسانية، إن لم يكن أقدمها على الإطلاق.
ولكي ندرك عمق أهمية هذا المكان، لا بد من السفر بالزمن إلى الوراء آلاف السنين، إلى حقبة تُعرف بالعصر الحجري الحديث، أي قبل حوالي 9000 عام. في تلك الفترة، كانت البشرية تخطو خطواتها الأولى نحو الاستقرار، مبتعدة عن حياة الصيد والترحال. وتُجسد جاتال هويوك هذه النقلة الحضارية الهائلة، فهي تمثل مجتمعاً زراعياً متكاملاً بدأ في تدجين الحيوانات وزراعة المحاصيل، مما مهد الطريق لنشوء المدن التي نعرفها اليوم.
وما يثير الدهشة حقًا في هذه المستوطنة ليس عمرها فحسب، بل تصميمها المعماري الفريد الذي لا يشبه شيئًا. تخيل مدينة كاملة مبنية من الطوب اللبن من دون شوارع أو أزقة؛ كانت المنازل متلاصقة ببعضها البعض كخلايا النحل، وكان السكان يدخلون إليها ويخرجون من فتحات في الأسطح باستخدام سلالم خشبية. هذا التخطيط العمراني المبتكر كان يوفر حماية طبيعية ضد الأخطار الخارجية، ويحول التجمع السكاني بأكمله إلى قلعة متماسكة.
إقرأ أيضا:حدد المواد المتفاعلة التي يحتاج إليها النبات لحدوث عملية البناء الضوئي اعتمادا على المعادلة أعلاهذا التصميم الخارجي المحكم يقودنا إلى التساؤل عن طبيعة الحياة في الداخل، والتي كانت غنية بشكل مذهل. كشفت الحفريات عن جداريات فنية تزين بيوتهم، تصور مشاهد صيد معقدة وأشكالاً هندسية وربما أول خريطة مرسومة في التاريخ لتلك المستوطنة مع بركان قريب. كما عُثر على تماثيل صغيرة، أشهرها تمثال “سيدة جاتال هويوك”، مما يشير إلى وجود معتقدات روحانية ورمزية متطورة. إن هذا الثراء الفكري والاجتماعي، وغياب المباني الضخمة كالمعابد أو القصور، يوحي بأن مجتمعهم كان منظماً بطريقة متساوية إلى حد كبير.
إقرأ أيضا:إبراهيم أصغر بعامين من أخيه يوسف ويوسف أكبر ب 4 سنوات من أخته مريم ومريم اصغر ب 8 سنوات من أختها أسماء إذا كان عمر أسماء 16 سنة فما عمر إبراهيموبناءً على كل ذلك، فإن جاتال هويوك ليست مجرد موقع أثري تركي، بل هي إرث للإنسانية جمعاء، وهذا ما دفع منظمة اليونسكو إلى إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي. إنها صفحة جوهرية في كتاب تاريخنا، تروي لنا قصة أسلافنا الأوائل وكيف بدأوا في تشكيل العالم الذي نعيش فيه، مما يجعل من تركيا حاضنة لأحد أهم فصول قصة الحضارة البشرية.