السؤال: يجذب كل من القمر والأرض الآخر، فهل تجذب الأرض ذات الكتلة الأكبر القمر بقوة أكبر من قوة جذب القمر لها فسر ذلك
- الإجابة: لا، القوتان متساويتان تمامًا في المقدار. إن قوة جذب الأرض للقمر تعادل بشكل دقيق قوة جذب القمر للأرض.
شرح الإجابة:
قد يبدو منطقياً للوهلة الأولى أن الكوكب الأضخم، أي الأرض، يمارس قوة سحب أعظم على القمر الأصغر منه. لكن قوانين الفيزياء، وتحديداً بصيرة إسحاق نيوتن الثاقبة، تقدم لنا رؤية مختلفة وأكثر عمقاً. الحقيقة الفيزيائية تكمن في مبدأ أساسي يُعرف بقانون نيوتن الثالث للحركة، والذي ينص على أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه. بناءً على ذلك، فإن قوة الجذب التي تؤثر بها الأرض على القمر هي “الفعل”، وقوة جذب القمر للأرض هي “رد الفعل”، وهاتان القوتان متطابقتان كلياً من حيث الشدة.
وهنا يبرز سؤال جوهري: إذا كانت القوتان متساويتين، فلماذا يدور القمر حول الأرض وليس العكس؟ الإجابة تكمن في التفرقة بين “القوة” و”أثر هذه القوة”. فالأثر الذي تحدثه القوة يعتمد بشكل مباشر على كتلة الجسم المتأثر بها. وبما أن كتلة الأرض تفوق كتلة القمر بأضعاف مضاعفة، فإن نفس مقدار القوة يسبب تسارعاً هائلاً للقمر، مما يجعله يدور في مدار ثابت حول الأرض. في المقابل، فإن نفس القوة تسبب للأرض تسارعاً ضئيلاً جداً وغير ملحوظ، مجرد “اهتزاز” طفيف حول مركز مشترك للكتلة بينهما.
يتجلى هذا المفهوم بوضوح أكبر في قانون الجذب العام لنيوتن، الذي يوضح أن قوة التجاذب بين أي جسمين تتناسب مع حاصل ضرب كتلتيهما. لاحظ أنها تعتمد على “حاصل ضربهما” معاً، وليس على كتلة أحدهما دون الآخر. هذا يعني أن القوة هي قوة مشتركة ومتبادلة بينهما، وليست قوة يمتلكها جسم ويمارسها على الآخر. إنها أشبه بحبل غير مرئي يربط بينهما، والشد على هذا الحبل متساوٍ من كلا الطرفين، بغض النظر عن حجم كل طرف.
خلاصة القول، إن التفاعل الجاذبي بين الأرض والقمر هو رقصة كونية دقيقة ومتوازنة. القوتان متساويتان في المقدار، لكن التأثير الناتج عنهما مختلف بشكل جذري بسبب الفارق الهائل في الكتلة. هذا التوازن الدقيق هو ما يحافظ على استقرار مدار القمر، ويشكل ظواهر طبيعية مثل المد والجزر، وهو مثال صارخ على الأناقة والمنطق الذي يحكم حركة الأجرام السماوية في نظامنا الشمسي وما وراءه.