مناهج المملكة العربية السعودية

المذكر المجازي يعامل في اللفظ معاملة الذكر من الناس أو الحيوان. صواب خطأ

المذكر المجازي يعامل في اللفظ معاملة الذكر من الناس أو الحيوان. صواب خطأ

السؤال: المذكر المجازي يعامل في اللفظ معاملة الذكر من الناس أو الحيوان. صواب أم خطأ؟

  • الإجابة: صواب.

شرح الإجابة:

إن القول بأن المذكر المجازي يعامل في اللفظ معاملة الذكر الحقيقي من الناس أو الحيوان هو قول صحيح تمامًا، بل إنه يلامس جوهر إحدى القواعد الأساسية التي يقوم عليها صرح اللغة العربية الشامخ. ولكي نستوعب هذه الحقيقة استيعابًا كاملًا، لا بد لنا من الإبحار في أعماق هذا المفهوم، وتفكيك أجزائه لنرى الصورة الكلية بوضوح وجلاء.

في البدء، علينا أن ندرك أن قواعد النحو العربي تقسم الاسم المذكر إلى قسمين رئيسيين لا ثالث لهما: الأول هو المذكر الحقيقي، وهو كل ما دل على ذكر من الكائنات الحية التي لها أنثى في الواقع، مثل: رجل، وأسد، وثور، وجمل. هذا النوع مادي وملموس، وجنسه البيولوجي يتطابق مع الجنس النحوي المخصص له. أما القسم الثاني، وهو محور حديثنا، فهو المذكر المجازي، ويُطلق عليه أحيانًا المذكر غير الحقيقي. هذا النوع يشمل كل اسم عُومل معاملة المذكر، لكنه في حقيقة الأمر لا يمتلك جنسًا بيولوجيًا؛ لأنه يدل على جماد أو معنى أو مفهوم مجرد ليس له أنثى في عالم الواقع. من أمثلته: قمر، وكتاب، وسيف، وعلم، ونهر. إن “ذكورة” هذه الأسماء هي ذكورة اصطلاحية، اتفق عليها أهل اللغة عبر السماع والنقل، وليست حقيقة عضوية.

إقرأ أيضا:تلعب نورة مع زميلتها لعبة شد الحبل مستخدمة دمية وفي لحظة ما خلال اللعبة سحبت نورة الدمية بقوة N22 وسحبت زميلتها الدمية بقوة معاكسة مقدارها 19.5N فكان تسارع الدمية m/s 6.25 ما كتلة الدمية

وهنا تكمن النقطة المفصلية في المسألة؛ فعلى الرغم من هذا الاختلاف الجوهري في المعنى والدلالة بين الحقيقي والمجازي، إلا أن قواعد اللغة لا تفرق بينهما البتة في المعاملة اللفظية والتركيبية داخل الجملة. فالعقل العربي، في عبقريته اللغوية، قرر توحيد المعاملة النحوية لكل ما يندرج تحت مظلة “المذكر” بغض النظر عن أصله، وذلك تحقيقًا للانسجام الصوتي والتناغم التركيبي في بنية الكلام. تتجلى هذه المعاملة الموحدة في عدة جوانب لا يمكن إغفالها.

أولًا، عند الإشارة إلى المذكر المجازي، نستخدم أسماء الإشارة المخصصة للمذكر، تمامًا كما نفعل مع الرجل أو الأسد. فنقول: “هذا بابٌ عظيم” و “ذلك جبلٌ شاهق”. من غير الصحيح لغويًا أن نقول: “هذه باب”، لأن كلمة باب، على الرغم من كونها جمادًا، قد اكتسبت الصفة الذكورية في النظام النحوي للغة، ويجب احترام هذه الصفة في كل ما يتعلق بها من ألفاظ.

ثانيًا، عندما نصف المذكر المجازي، فإننا نأتي له بصفة أو نعت مذكر يطابقه في الجنس. فمثلًا، نقول: “قرأتُ كتابًا مفيدًا”، فكلمة “مفيدًا” جاءت مذكرة لتطابق الموصوف “كتابًا”. ولو كان الكتاب مؤنثًا لقلنا “مفيدة”. هذا المبدأ، المعروف بـ المطابقة في الجنس، يسري على المجازي سريانه على الحقيقي دون أي تفرقة. وينسحب هذا الأمر كذلك على كل التوابع الأخرى من توكيد وبدل وعطف.

ثالثًا، الضمير الذي يعود على المذكر المجازي يجب أن يكون ضميرًا مذكرًا. في جملة مثل: “العلمُ يرفع الأمم، وهو سبيل الرقي”، نجد أن الضمير “هو” يعود على العلم، وهو اسم مذكر مجازي. لقد تم التعامل معه تمامًا كما لو كنا نتحدث عن “الرجل”، فلا نقول “هي” لأن ذلك يحدث خللًا في التركيب اللغوي للجملة ويفسد اتساقها.

إقرأ أيضا:لبرمجة الروبوت للتحرك إلى الخلف نستخدم اللبنة صواب خطأ

رابعًا، الفعل الذي يُسند إلى فاعل مذكر مجازي يأتي بصيغة المذكر. فعندما نقول: “طلع الفجرُ”، فالفعل “طلع” جاء مذكرًا لأن فاعله، وهو الفجر، اسم مذكر مجازي. إن هذه المعاملة المتطابقة تضمن سلاسة الجملة وجريانها على اللسان والعقل دون أي عائق أو نشاز.

إن الفلسفة وراء هذه القاعدة تنبع من حقيقة أن الجنس النحوي في لغتنا لا يرتبط دائمًا بالجنس البيولوجي، بل هو نظام تصنيفي للأسماء يهدف إلى ضبط العلاقات بين الكلمات داخل الجملة. فكما أن هناك مذكرًا مجازيًا، يوجد أيضًا مؤنث مجازي، مثل: شمس، وأرض، ونار، وهي أسماء تعامل معاملة المؤنث في كل شيء (نقول: هذه شمسٌ ساطعة)، مع أنها ليست إناثًا حقيقيات. لقد استقر هذا التصنيف عن طريق السماع اللغوي عن العرب الأوائل، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من منطق اللغة الداخلي.

إقرأ أيضا:العيد الوطني الفرنسي يصادف 14 يوليو من اجل اي حدث تاريخي

وخلاصة القول، إن التمييز بين المذكر الحقيقي والمذكر المجازي هو تمييز دلالي يتعلق بالمعنى فحسب، ولكنه يذوب ويتلاشى تمامًا عندما ننتقل إلى حقل التطبيق النحوي والتركيبي. ففي ساحة الإعراب وبناء الجمل، هما شيء واحد، يعاملان معاملة واحدة، ويخضعان لنفس القوانين الصارمة التي تضمن فصاحة اللسان وسلامة البيان. لذا، فإن العبارة المذكورة في السؤال ليست صوابًا فحسب، بل هي حجر زاوية في فهم كيفية عمل نظام الجنس في قواعد لغتنا العربية العريقة.

السابق
العامل الذي لا يتغير أثناء التجربة هو المتغير التابع صح أم خطأ؟
التالي
تستطيع النملة السير على سطح الماء بسبب ظاهرة التوتر السطحي صواب خطأ

اترك تعليقاً