مناهج المملكة العربية السعودية

لماذا سميت الفلزات الانتقالية بهذا الاسم؟

حل سؤال: لماذا سميت الفلزات الانتقالية بهذا الاسم؟

  • إجابة السؤال هي : لأنها تقع بين المجموعات الرئيسية ولها إلكترونات d قابلة للانتقال بين مستويات الطاقة.

شرح الإجابة:

نبدأ رحلتنا في عالم الكيمياء المثيرة بفهم موقع هذه الفلزات المميزة، وهي تُعرف باسم العناصر الانتقالية. تتخذ هذه الفلزات مكانها الفريد في قلب الجدول الدوري للعناصر، تحديدًا في كتلته الوسطى التي تُعرف بـ الكتلة d. إنها تقع بين المجموعتين الرئيسيتين الأولى والثانية في الجانب الأيسر، والمجموعات الرئيسية الأخرى في الجانب الأيمن، لتشكل بذلك جسرًا أو منطقة عبور حقيقية.

لنتخيل الجدول الدوري كخريطة ضخمة للعناصر، فالفلزات الانتقالية تُشغل المنطقة الوسطى منه. هذا الوضع الجغرافي الكيميائي لا يقتصر على مجرد الترتيب البصري، بل يعكس أيضًا تدرجًا ملحوظًا في الخصائص الفيزيائية والكيميائية. فهي تنتقل، بطريقة مدروسة، من الخصائص الفلزية شديدة النشاط التي تظهرها عناصر المجموعات اليسرى، إلى الخصائص الأقل فلزية أو حتى اللافلزية التي تميز عناصر اليمين، مما يضفي على اسمها “انتقالية” دلالة عميقة.

لكن السر الحقيقي وراء تسميتها لا يكتمل إلا بالنظر إلى التركيب الإلكتروني الدقيق لهذه العناصر. إن السمة الأبرز التي تميز الفلزات الانتقالية هي وجود إلكترونات التكافؤ في مستوى الطاقة الفرعي d-orbital غير الممتلئ تمامًا. هذه الإلكترونات ليست مجرد “موجودة”، بل هي “قابلة للانتقال” أو، بتعبير أدق، يمكنها المشاركة في التفاعلات الكيميائية بطرق متعددة ومختلفة، خلافًا للإلكترونات الموجودة في المدارات s و p التي تملأها العناصر الممثلة. هذا التوزيع الإلكتروني الفريد هو المفتاح لفهم سلوكها الكيميائي المتنوع.

هذه الإلكترونات الـ d المحصورة بين المدارات الخارجية والداخلية هي المسؤولة بشكل مباشر عن إحدى أهم خصائص الفلزات الانتقالية. إنها قدرتها على إظهار حالات أكسدة متعددة أو تكافؤات متنوعة. خذ على سبيل المثال المنغنيز، الذي يمكن أن يوجد في مركباته بحالات أكسدة تتراوح من +2 إلى +7، أو الكروم الذي يُظهر +2 و +3 و +6. هذا التنوع المدهش لا نجده عادة في عناصر المجموعات الرئيسية، مثل الصوديوم الذي يظهر دائمًا حالة أكسدة +1 فقط. هذه المرونة الهائلة في فقدان الإلكترونات أو مشاركتها تمنحها قدرة فريدة على الارتباط بمختلف الذرات والجزيئات.

إن حركة هذه الإلكترونات الـ d، وانتقالها بين مستويات الطاقة الفرعية المختلفة ضمن نفس المدار أو بين مدارات d مختلفة في وجود مجالات بلورية أو روابط تناسقية، تؤدي إلى خاصية أخرى مبهرة: تكوين المركبات الملونة الزاهية. عندما تمتص هذه الإلكترونات طاقة ضوئية في نطاق الضوء المرئي لتنتقل إلى مستوى طاقة أعلى، ثم تعود لتبعث طاقة في أطوال موجية محددة، فإن العين البشرية ترى اللون المتبقي أو المنبعث، وهو ما يفسر الألوان المتعددة لمركبات مثل كبريتات النحاس الزرقاء. علاوة على ذلك، تتمتع هذه الفلزات بقدرة استثنائية على تكوين المعقدات التناسقية أو المركبات المعقدة، حيث ترتبط بـ الروابط (جزيئات أو أيونات تحتوي على أزواج إلكترونية حرة) لتشكيل هياكل معقدة ومستقرة، مستخدمة إلكتروناتها الـ d في تكوين هذه الروابط الجديدة.

ولا يتوقف دور إلكترونات d المتأرجحة عند هذا الحد، بل يمتد ليشمل خاصية بالغة الأهمية في الصناعة والكيمياء الحيوية: النشاط الحفزي. تعمل العديد من الفلزات الانتقالية ومركباتها كـ حفازات فعالة للغاية، قادرة على تسريع التفاعلات الكيميائية بشكل كبير دون أن تُستهلك هي نفسها في العملية. ويعود ذلك، جزئيًا، إلى قدرة إلكتروناتها الـ d على تكوين روابط مؤقتة مع المتفاعلات على سطحها، وتغيير حالات أكسدتها بسهولة، مما يقلل من طاقة التنشيط اللازمة لبدء التفاعل. على سبيل المثال، يُستخدم البلاتين والبالاديوم في المحولات الحفزية للسيارات، والحديد في عملية هابر لإنتاج الأمونيا.

إذن، فإن مصطلح “انتقالية” (Transition) يحمل في طياته معنيين جوهريين متكاملين. أولهما، موقعها الانتقالي والاستراتيجي في الجدول الدوري بين المجموعات الرئيسية في اليسار واليمين، حيث تمثل منطقة عبور بين الفلزات شديدة التفاعل واللا فلزات. وثانيهما، وهو الأهم والأعمق كيميائيًا، أن إلكتروناتها الـ d “تنتقل” وتتحرك بين حالات طاقة مختلفة ضمن المدارات الفرعية، أو “تشارك” في التفاعلات الكيميائية بطرق فريدة تسمح بتنوع هائل في الخصائص. هذه الفلزات، مثل التيتانيوم المعروف بقوته وخفته، والفاناديوم في السبائك الفولاذية، والكروم في الفولاذ المقاوم للصدأ، تُظهر مجموعة واسعة من الخصائص المغناطيسية والكهربائية والبصرية التي لا تُرى بوضوح أو بهذا التنوع في المجموعات الأخرى.

في الختام، يبرز الاسم “الفلزات الانتقالية” ليعكس الطبيعة المعقدة والمذهلة لهذه العناصر. إنه ليس مجرد تسمية عشوائية أو وصف سطحي، بل هو وصف دقيق لطبيعتها المزدوجة والمتكاملة: موقعها الانتقالي في هيكل الجدول الدوري للعناصر، والأهم من ذلك، الدور النشط والديناميكي لإلكتروناتها الـ d، التي تنتقل بين مستويات الطاقة المختلفة وتشارك بمرونة في تكوين روابط كيميائية متنوعة. هذا التفاعل الفريد يمنحها خصائص استثنائية من حيث حالات الأكسدة، الألوان، القدرة على الحفز، وتكوين المعقدات، مما يجعلها العمود الفقري للعديد من التطبيقات التكنولوجية والصناعية الحديثة.

أسئلة شائعة:

ما هي أهم خصائص الفلزات الانتقالية؟

تتميز الفلزات الانتقالية بوجود حالات أكسدة متعددة، وتكوين مركبات ملونة، وقدرتها العالية على العمل كحفازات، بالإضافة إلى تكوين المعقدات التناسقية. هذه الخصائص تنبع أساسًا من إلكتروناتها الـ d غير الممتلئة.

أين تقع الفلزات الانتقالية في الجدول الدوري؟

تقع الفلزات الانتقالية في الكتلة d من الجدول الدوري، أي في المنطقة الوسطى منه، بين المجموعات الرئيسية في الجانبين الأيسر والأيمن. تبدأ من المجموعة الثالثة وتصل إلى المجموعة الثانية عشرة.

هل جميع عناصر الكتلة d تُعتبر فلزات انتقالية؟

لا، ليست كل عناصر الكتلة d تُصنف كفلزات انتقالية بالمعنى الدقيق. عناصر مثل الزنك والكادميوم والزئبق، على سبيل المثال، لديها مدارات d ممتلئة تمامًا في حالات الأكسدة الشائعة، وبالتالي لا تظهر العديد من الخصائص المميزة للفلزات الانتقالية الحقيقية، مثل حالات الأكسدة المتعددة أو تكوين المركبات الملونة بوضوح.

ما هي بعض الأمثلة الشائعة للفلزات الانتقالية؟

تشمل الأمثلة الشائعة لهذه الفلزات الحديد، النحاس، الذهب، الفضة، التيتانيوم، الكروم، النيكل، البلاتين، والمنغنيز. تلعب هذه العناصر أدوارًا حيوية في الصناعة والتقنية والحياة اليومية.

السابق
لماذا سميت أشباه الفلزات بهذا الاسم؟
التالي
لماذا سميت الفلزات بهذا الاسم؟

اترك تعليقاً