مناهج المملكة العربية السعودية

ما الذي يجعل الفلزات قابلة للتفاعل مع الماء؟

حل سؤال: ما الذي يجعل الفلزات قابلة للتفاعل مع الماء؟

إجابة السؤال هي : ميلها لفقد الإلكترونات، خاصة الفلزات النشطة مثل الصوديوم والكالسيوم.

شرح الإجابة :

تكمن الإجابة الجوهرية لسؤال قابلية الفلزات للتفاعل مع الماء في ميلها المتأصل لفقد إلكتروناتها الخارجية. هذه الخاصية الكيميائية الأساسية، التي تتفاوت شدتها بشكل ملحوظ من فلز لآخر، هي المحدد الرئيسي لمدى عنف أو هدوء التفاعل مع جزيئات الماء. فعلى سبيل المثال، تُظهر الفلزات النشطة كـالصوديوم والكالسيوم هذا الميل بوضوح لافت، مما يجعلها تتفاعل بقوة.

في جوهرها، تمتلك الذرات الفلزية في غلافها الإلكتروني الأخير عددًا محدودًا من الإلكترونات، عادةً ما يكون واحدًا أو اثنين أو ثلاثة. تدرك هذه الفلزات أن السبيل الأمثل لتحقيق ثبات التركيب يكمن في التخلص من هذه الإلكترونات الزائدة، لتُحاكي بذلك التوزيع الإلكتروني المستقر لـالغازات النبيلة. هذه العملية الحيوية هي جوهر ظاهرة الأكسدة، حيث تتحول فيها الذرة الفلزية المتعادلة إلى أيون موجب الشحنة يحمل مقدارًا محدداً من الشحنة الكهربائية.

يلعب الماء دورًا محوريًا وعاملاً مساعدًا لا غنى عنه في هذه الديناميكية الكيميائية، وذلك بفضل طبيعته القطبية الفريدة. تستطيع جزيئات الماء ذات القطبية العالية التفاعل بفعالية مع الذرات الفلزية ذات النشاط المرتفع، مما يدفعها لتيسير عملية فقدان الإلكترونات منها. في حقيقة الأمر، يميل الماء إلى التفكك جزئياً إلى أيونات الهيدروجين الموجبة (H+) وأيونات الهيدروكسيد السالبة (OH-) عند ملامسته لسطح الفلزات المتفاعلة، مما يُهيئ بيئة مثالية للتفاعل.

بمجرد أن يفقد الفلز إلكتروناته الثمينة من قشرته الخارجية، فإنها لا تذهب سدى؛ بل تنتقل فوراً إلى أيونات الهيدروجين الموجودة في الماء. نتيجة لهذا الانتقال الإلكتروني، تتحول أيونات الهيدروجين إلى ذرات هيدروجين متعادلة، والتي تتحد بدورها بسرعة لتكوين غاز الهيدروجين المتصاعد (H2)، وهو غالبًا ما يكون مرئيًا على شكل فقاعات. وفي الوقت ذاته، تتحد الأيونات الموجبة المتكونة من الفلز مع أيونات الهيدروكسيد السالبة من الماء، لتشكل مركبًا جديدًا يُعرف باسم هيدروكسيد الفلز.

يُعزى التباين الواضح في النشاط الكيميائي بين الفلزات إلى عدة خصائص ذرية جوهرية تتحكم في سهولة فقدان الإلكترونات. من أبرز هذه الخصائص هي طاقة التأين، التي تُمثل مقدار الطاقة اللازمة لإزالة إلكترون من الذرة الفلزية في حالتها الغازية. كلما كانت قيمة طاقة التأين للفلز أقل، زادت سهولة تخلصه من إلكتروناته، وبالتالي تزايدت قابليته للتفاعل العنيف مع الماء.

علاوة على ذلك، تُشكل الكهرسالبية عاملاً حاسماً آخر؛ فالفلزات ذات الكهرسالبية المنخفضة جدًا لا تمسك بـإلكتروناتها بقوة كافية، مما يجعلها أكثر عرضة للانجذاب نحو الفقد في التفاعلات الكيميائية. إضافة إلى ذلك، يؤثر الحجم الذري بشكل مباشر على هذا الميل؛ فكلما كبر حجم الذرة الفلزية، ابتعدت الإلكترونات الخارجية عن جاذبية النواة المشحونة إيجابًا، مما يُضعف قوة الجذب النووي ويسهل على الإلكترونات مغادرة الأغلفة الإلكترونية الخارجية للذرة.

يُمكننا ملاحظة هذا التدرج في النشاط الكيميائي بوضوح عند تصفح تصميم الجدول الدوري للعناصر. تتصدر الفلزات القلوية في المجموعة الأولى، مثل الليثيوم والصوديوم والبوتاسيوم، قائمة الفلزات الأكثر نشاطًا بفضل امتلاكها إلكترون تكافؤ واحد. وتليها مباشرةً الفلزات القلوية الترابية في المجموعة الثانية، مثل الكالسيوم والمغنيسيوم، التي تظهر نشاطًا كيميائيًا كبيرًا أيضاً ولكن بوتيرة أقل نسبياً.

تتفاعل الفلزات القلوية بعنف شديد مع الماء البارد، وأحيانًا تُحدث تفاعلات طاردة للحرارة بشكل لافت، مما يُولد حرارة كافية لإشعال غاز الهيدروجين المتكون. فعند إلقاء قطعة من الصوديوم اللامع في الماء، تطفو على السطح وتتفاعل بقوة مطلقةً غاز الهيدروجين الذي يشتعل تلقائياً بسبب الحرارة المتولدة، مُحدثًا لهبًا أصفر مميزًا. أما البوتاسيوم، فإنه يتجاوز الصوديوم في نشاطه، متفاعلاً بشكل أكثر شراسة وعنفًا، حيث يشتعل اللهب الأرجواني فوراً بمجرد ملامسة الماء.

في المقابل، تتفاعل الفلزات القلوية الترابية مثل الكالسيوم والمغنيسيوم مع الماء، لكن بوتيرة أقل حدة وأكثر قابلية للتحكم، وهذا ما يميزها عن الفلزات القلوية. يتفاعل الكالسيوم ببطء مع الماء البارد وينتج هيدروكسيد الكالسيوم الصلب وغاز الهيدروجين، لكن التفاعل أقل عنفاً من مثيله مع الصوديوم. بينما المغنيسيوم، فيتطلب عادةً ماء ساخنًا أو بخار الماء الساخن للتفاعل بشكل ملحوظ، وذلك بسبب وجود طبقة رقيقة من أكسيد المغنيسيوم على سطحه تحميه جزئياً من التفاعل المباشر.

هناك بعض الفلزات الأخرى، التي تقع ضمن الفلزات الانتقالية في منتصف الجدول الدوري مثل الحديد والزنك، لا تتفاعل مع الماء البارد أو الساخن بنفس الطريقة الفعالة. تتفاعل هذه الفلزات عادةً فقط مع بخار الماء عند درجات حرارة مرتفعة جداً، وينتج عن هذا التفاعل أكاسيد الفلز بدلاً من هيدروكسيداته، مع انطلاق غاز الهيدروجين. ويُفسر مقاومتها للتفاعل جزئياً بتشكيل طبقة واقية من الأكسيد على سطحها تمنع الاتصال المباشر مع الماء، كما هو الحال مع الألومنيوم الذي يمنعه أكسيد الألومنيوم المتماسك من التفاعل بسهولة.

في الطرف الأخير من هذا الطيف الواسع لـالنشاط الكيميائي، نجد الفلزات النبيلة أو الثمينة مثل النحاس والفضة والذهب والبلاتين. هذه الفلزات لا تظهر أي تفاعل مع الماء تحت الظروف العادية أو حتى عند رفع درجات الحرارة إلى مستويات مرتفعة. يعود السبب الجذري في ذلك إلى ميلها الضعيف جداً، إن لم يكن معدوماً، لفقد الإلكترونات، وبالتالي صعوبة تحولها إلى أيونات موجبة مستقرة في بيئة مائية.

وهكذا، يظل ميل الفلز الجوهري لفقد الإلكترونات هو الحجر الأساس والمفتاح الذي يشرح قابليته للتفاعل مع الماء بكافة أشكاله. تُعد سهولة حركة الإلكترونات من الأغلفة الإلكترونية الخارجية للذرة الفلزية هي ما يحدد النشاط الكيميائي العام للعنصر وموضعه في الجدول الدوري. فكلما زادت رغبة الذرة في التخلي عن هذه الإلكترونات لتحقيق ثبات التركيب، زادت شدة تفاعلها مع البيئة المحيطة بها، بما في ذلك المادة الحيوية الماء.

أسئلة شائعة:

لماذا تتفاعل بعض الفلزات بعنف أكبر مع الماء من غيرها؟

يرجع هذا إلى مدى سهولة فقد الإلكترونات من الفلز. فالفلزات التي تفقد إلكتروناتها بسهولة أكبر، مثل الصوديوم والبوتاسيوم، تتفاعل بشدة أكبر لأنها أقل استقراراً في حالتها الذرية نتيجة لانخفاض طاقة التأين لديها.

ما هي النواتج الرئيسية لتفاعل الفلزات مع الماء؟

عندما يتفاعل فلز نشط مع الماء، تتكون مادتان رئيسيتان هما هيدروكسيد الفلز (وهو مركب قلوي) وغاز الهيدروجين. هذا الغاز الأخير يكون مرئياً على شكل فقاعات وقد يكون قابلاً للاشتعال إذا كانت الحرارة المتولدة كافية.

هل تتفاعل جميع الفلزات مع الماء؟

لا، ليس كل الفلزات تتفاعل مع الماء. فـالفلزات قليلة النشاط أو “النبيلة” مثل النحاس والذهب والفضة لا تظهر أي تفاعل مع الماء تحت الظروف العادية، بينما تحتاج بعض الفلزات الأخرى إلى ماء ساخن أو بخار للتفاعل.

ما الذي يجعل الفلز “نشطًا” كيميائيًا؟

يُطلق وصف “نشط” على الفلز الذي يميل بشدة إلى فقد إلكتروناته والتحول إلى أيون موجب، وذلك بسبب انخفاض طاقة التأين والكهرسالبية. هذا الميل القوي يجعله يدخل في تفاعلات كيميائية بسهولة مع العديد من المواد، ومنها الماء.

هل يمكن ملاحظة تفاعل الفلز مع الماء بالعين المجردة؟

بالتأكيد. يمكن ملاحظة العديد من العلامات مثل انبعاث فقاعات غاز الهيدروجين، وارتفاع درجة حرارة الوعاء المحيط بالتفاعل بسبب كونه تفاعلًا طاردًا للحرارة. وقد يحدث لهيب أو حتى انفجار في حالة الفلزات شديدة النشاط كـالصوديوم.

السابق
ما الخاصية التي تحدد سلوك العنصر كفلز أو لا فلز؟
التالي
ما الذي يجعل الفلزات قابلة للطرق؟

اترك تعليقاً