جدول المحتويات
من الأسئلة المثيرة في مجال الكيمياء هو كيف بنى دالتون نموذجه اعتمادا على ما توصل اليه ممن سبقوه بم اتفق معهم وكيف خالفهم، مثل ديمقريطس وبويل.
فقد قدم هؤلاء العلماء أفكاراً رائدة حول طبيعة المادة، وأثروا بشكل كبير على تفكير دالتون. بينما اتفق معهم في بعض النقاط الأساسية حول فكرة الذرة كأصغر وحدة للمادة، إلا أنه خالفهم في عدة جوانب خاصة فيما يتعلق بالتركيب والخصائص الذرية.
في هذا المقال، سنستعرض كيف قام دالتون بتطوير نموذج ذرة جديد، مستندًا إلى المعرفة السابقة، ونعرض النقاط التي اتفق فيها معهم وتلك التي خالفهم فيها.
من هو الكيميائي البريطاني جون دالتون
جون دالتون¹ هو كيميائي بريطاني ولد في 6 سبتمبر 1766 في قرية صغيرة تدعى إيكزفيلد، كمبرلاند. نشأ في عائلة فقيرة حيث كان والده نساجا، وتعرض لفقدان اثنين من إخوته بسبب الفقر.
منذ صغره أظهر موهبة بارزة في الرياضيات وبحلول الخامسة عشرة من عمره، أصبح أستاذًا في مدرسته. انتقل لاحقا إلى كندال، حيث استمر في التدريس وبدأ يهتم بمراقبة الأحوال الجوية، مما ساهم في تطوير معرفته العلمية.
عرف بنظريته الذرية التي وضعت أسس الكيمياء الحديثة، حيث أسس مفهوم أن المواد تتكون من ذرات صغيرة غير قابلة للتجزئة. خلال حياته أبدع في وضع جداول للأوزان الذرية للعناصر، ونال تقدير المجتمع العلمي.
إقرأ أيضا:يمكننا تكوين وحدات مختلفة من مجموعة من الأشكال الهندسية المختلفة ونستخدمها في الطباعة بالقالبفي مانشستر، بدأ دراسة الأرصاد الجوية والكيمياء. تم تعيينه راصداً جوياً حيث أعد جداول عن حالة الطقس. كما درس عددا من اللغات وأصبح معروفًا بذكائه ومهارته في التنبؤ بحالة الطقس.
في عام 1809 زار لندن حيث التقى بكبار العلماء، ورغم دعوته للانضمام إلى الجمعية الملكية، فضل البقاء في مانشستر. تم تكريمه بالوسام الذهبي من الحكومة البريطانية في عام 1826، توفي دالتون في 27 يوليو 1844 وأُقيمت له جنازة مهيبة وأُقيم له تمثال في قاعة مانشستر تقديرا لمساهماته في العلوم.
نظرية دالتون: الأساس العلمي لفهم الذرة
في أوائل القرن التاسع عشر قام العالم جون دالتون بتطوير نظرية ثورية حول التركيب الذري للمواد، معتمداً على الدلائل الكيميائية والفيزيائية المتاحة في زمنه².
استخدم ملاحظات وصفية وحقائق ملموسة لبناء تصور واضح عن الذرة، مستنداً إلى قانون حفظ الكتلة وقانون النسب الثابتة كأساس لنظريته، التي ظهرت بين عامي 1803 و1808.
لدى جون دالتون ست نظريات³:
- تتكون المادة من أجزاء صغيرة جدًا تسمى الذرات.
- الذرات غير قابلة للتجزئة ولا يمكن خلقها أو إفناؤها أثناء التفاعلات الكيميائية.
- جميع ذرات عناصر لها خصائص متشابهة.
- تختلف ذرات أي عنصر عن ذرات العناصر الأخرى.
- تتحد الذرات المختلفة بنسب عددية بسيطة للعنصر وتكوينه الكيميائي.
- في التفاعلات الكيميائية: فصل الذرات أو تجميعها أو إعادة ترتيبها
دالتون ومشكلة الكتلة الذرية
لإضفاء الطابع الكمي على نظريته الذرية، سعى دالتون لتحديد كتلة كل ذرة. ولأنه لا يمكن قياس كتلة ذرة واحدة بشكل مباشر، اعتمد على مقارنة الكتل النسبية. فافترض أن كتلة ذرة الهيدروجين، وهي أخف العناصر، تساوي وحدة كتلية واحدة، ثم قارن كتلة باقي العناصر بها.
إقرأ أيضا:هل يتغير النظام البيئي إذا تغيرت المخلوقات التي تعيش فيهلتطبيق نظريته درس تكوين الماء. من خلال تجاربه وجد أن الماء يتكون أساسًا من الهيدروجين والأكسجين بنسبة كتلة تقارب 13% للهيدروجين و87% للأكسجين.
بناءً على هذه النسبة وبعض الافتراضات حول تركيب الماء، استنتج أن كتلة ذرة الأكسجين تقريبا سبعة أضعاف كتلة ذرة الهيدروجين.
كيف بنى دالتون نموذجه اعتمادا على ما توصل اليه ممن سبقوه
بنى دالتون نموذجه الذري اعتمادا على اسهامات العلماء والفلاسفة السابقين في بنية المادة مثل ديموقريطس مستفيداً من إنجازاتهم وفي الوقت نفسه، قدم تعديلات جوهرية على بعض الأفكار السابقة.
اتفق دالتون مع ديمقريطس على أن المادة تتكون من جسيمات صغيرة جداً لا يمكن تقسيمها وأضاف إلى ذلك فكرة أن الذرات هي لبنات البناء الأساسية لكل المواد.
إقرأ أيضا:النظام البيئي يعتمد فيه كل عنصر من عناصره على العناصر الأخرى ويتداخل معهاكذلك اعتمد على قانون حفظ الكتلة الذي وضعه أنطوان لافوازييه لتفسير تكوين المركبات الكيميائية.، والذي ينص على أن الكتلة الكلية للمواد المتفاعلة تساوي الكتلة الكلية للمواد الناتجة عن التفاعل الكيميائي وأكد أن كل عنصر يحتوي على نوع خاص من الذرات، تختلف في الكتلة والخصائص.
واستند أيضا إلى قانون النسب الثابتة الذي ينص على أن العناصر المختلفة تتحد بنسب وزنية ثابتة لتكوين مركب معين. وفسّر هذا القانون بافتراض أن المركبات تتكون من اتحاد أعداد محددة من الذرات.
ملاحظة:
- على الرغم من أهمية نموذج دالتون، إلا أنه لم يكن كاملاً، حيث لم يشرح بعض الظواهر الكيميائية مثل التوصيل الكهربائي والنشاط الإشعاعي. تم تعديل وتطوير النموذج الذري عدة مرات بعده وذلك بفضل الاكتشافات العلمية الجديدة.