إذا توفي الرجل وله أولاد من يرثه

إذا توفي الرجل وله أولاد من يرثه

شرح الإجابة:

إن منظومة الميراث في الإسلام تضع قاعدة أساسية لا حياد عنها، وهي أن الأولوية في الإرث تكون للأقرب درجة للمتوفى. وعلى هذا الأساس، يُعتبر أولاد الرجل، من ذكور وإناث، هم الفروع الوارثة المباشرة له، ولهم النصيب الأكبر من تركته. إن مجرد وجودهم يغير خريطة التوريث بأكملها، حيث يتقدمون على معظم الأقارب الآخرين مثل الإخوة والأعمام، وهذا ما يُعرف بمبدأ الحجب، فالفرع الوارث القريب يحجب الأقارب الأبعد درجة عن الميراث.

وعلى صعيد متصل، لا يمكن إغفال حق شريكة حياته، فحق الزوجة محفوظ ومُقدَّر بنصيب ثابت. ففي حالة وجود أولاد للمتوفى، يكون نصيبها هو الثُمن (1/8) من كامل التركة، وهذا حق أصيل ومستقل يُستخرج أولاً قبل توزيع الأنصبة الأخرى. هذه الحصة المحددة تضمن استقرارها المادي وتكريمها، وهي من القواعد الراسخة في علم المواريث التي لا تخضع للاجتهاد.

وبالانتقال إلى والدي المتوفى، وهما الأصول الوارثة، فإن وجود الأولاد لا يمنعهما من الميراث كلياً، بل يحدد لهما نصيباً ثابتاً ومقدراً. فلكل واحد من الأب والأم نصيب السُدس (1/6) من التركة. هذا التوزيع يجسد مبدأ التكافل الأسري، حيث يتم رعاية الأصول (الآباء) والفروع (الأبناء) في آن واحد، مما يعكس توازناً دقيقاً في توزيع الثروة الموروثة.

ولكي تتضح الصورة الكلية لتقسيم الإرث، تجري العملية وفق تسلسل منطقي. أولاً، تُعطى “لأصحاب الفروض” أنصبتهم المحددة، وهم في هذه الحالة: الزوجة (الثمن)، والأب (السدس)، والأم (السدس). بعد إخراج هذه الحصص الثابتة، فإن ما يتبقى من التركة يذهب كاملاً إلى الأولاد قسمة التعصيب، وهنا تطبق القاعدة القرآنية المحورية لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، فيأخذ الابن ضعف نصيب البنت من هذا الجزء المتبقي.

وفي نهاية المطاف، يستند هذا الهيكل التوزيعي بأكمله على مبدأ القرب والدرجة. فالابن المباشر يمنع الحفيد (ابن الابن) من الميراث، ووجود الأبناء يمنع الإخوة، وهذا يضمن أن تظل الثروة في نطاق الأسرة النواتية الأقرب للمتوفى. إن هذا النظام لا يوزع الأموال فحسب، بل يحفظ بنية الأسرة ويضمن انتقال الحقوق الشرعية إلى أصحابها الأكثر استحقاقاً وقرباً، مما يحقق العدالة والاستقرار داخل الكيان العائلي.