السؤال: ما هي الأعمال التحضيرية التي تسبق يوم التروية في الحج؟
- الإجابة: تشمل الأعمال التي تسبق يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، سلسلة من المناسك تبدأ بالإحرام من الميقات، ثم أداء طواف القدوم عند الوصول إلى مكة، يليه السعي بين الصفا والمروة، وبعد ذلك الانتظار في مكة استعدادًا للانطلاق إلى منى فجر اليوم الثامن.
شرح الإجابة:
تنطلق رحلة الحج الروحانية من نقاط محددة تُعرف بالمواقيت، فعندما تطأ أقدام قاصد البيت الحرام أرض الميقات، يستهل استعداداته بالاغتسال والتطيب وارتداء ملابس الإحرام، وهي اللباس الذي يرمز إلى التجرد من زينة الدنيا والمساواة بين جميع البشر. عقب ذلك، يؤدي ركعتين ثم يعقد النية على نوع النسك الذي اختاره، سواء كان تمتعًا أو قرانًا أو إفرادًا، وينطلق صوته بالتلبية، ذلك النداء الخالد الذي يردده الحجيج: “لبيك اللهم لبيك”، ويظل لسانه رطبًا بهذا الذكر حتى تقع عيناه على الكعبة المشرفة.
وما إن يصل الحاج إلى رحاب مكة المكرمة، يكون أول أعماله الطواف حول البيت العتيق سبعة أشواط، في طواف يُعرف بطواف القدوم. يبدأ كل شوط من محاذاة الحجر الأسود، جاعلاً الكعبة عن يساره، ومن السنة أن يسرع في مشيه خلال الأشواط الثلاثة الأولى فيما يُعرف بـ”الرمل”، مع كشف كتفه الأيمن في هيئة “الاضطباع”. ويستمر في ذكر الله والدعاء، وكلما مر بالركن اليماني استلمه بيده، وإذا تيسر له الوصول إلى الحجر الأسود قبّله في كل شوط، فإن حالت الزحام دونه، اكتفى بالإشارة إليه.
يلي ذلك لحظة من السكينة والتأمل، فبعد إتمام الطواف، يتجه الحاج خلف مقام إبراهيم عليه السلام ليؤدي ركعتي الطواف، متدبرًا عظمة المكان وقدسيته. بعد الصلاة، ومن أعظم القربات في هذا الموضع، أن يشرب من ماء زمزم المبارك، وهو ماء طاهر يحمل قصة تاريخية عظيمة، فيشرب منه ويدعو الله بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة، مستحضرًا النية واليقين في الإجابة.
ثم ينتقل الحاج ليجسد شعيرة أخرى من شعائر الله، وهي السعي بين الصفا والمروة. يقف أولًا على الصفا مستقبلاً الكعبة، ويقرأ الآية الكريمة: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ﴾، ثم يوحد الله ويكبره ويهلله بالذكر المأثور عن النبي ﷺ. بعد ذلك، ينطلق في مسعاه نحو المروة، وعندما يصل إلى المنطقة المحددة بالعلمين الأخضرين، يهرول في سيره، وهذه الهرولة خاصة بالرجال. وعند وصوله إلى المروة، يكون قد أتم شوطًا واحدًا، فيقف عليها ويفعل كما فعل على الصفا، ثم يعود ليكمل سبعة أشواط تنتهي عند المروة.
وهنا، تتشعب المسارات بناءً على نسك الحاج؛ فإذا كان متمتعًا، فإنه بعد إتمام السعي يحلق شعر رأسه أو يقصره، وبذلك يتحلل من إحرامه الأول، ويعود لممارسة حياته العادية في مكة حتى يحين صباح اليوم الثامن من ذي الحجة، وهو يوم التروية، فيُحرم مرة أخرى للحج. أما الحاج القارن أو المفرد، فإنه يبقى على إحرامه ولا يتحلل منه، ويستمر في حالة الإحرام في مكة، منتظرًا حلول يوم التروية للانطلاق مع بقية الحجاج إلى مشعر منى، لتبدأ بذلك أعمال يوم الحج الأكبر.