ذهبت إمرأه الى القاضي تشتكي زوجها، فقال لها القاضي: أين زوجك؟ فقالت: إنه هنا بين الحضور. فقال لها: ما اسمه؟ فقالت: ثالث سبعة وثمان. فقال القاضي: احضر يا فلان. فما هو اسم زوج المرأة؟
- عثمان
شرح الإجابة
إن مفتاح هذا اللغز لا يكمن في عمليات حسابية معقدة أو ألغاز رياضية، بل يضرب بجذوره عميقاً في نسيج الموروث الثقافي والديني. لقد قدمت المرأة إجابتها على هيئة شفرة مرمزة، لم يفهمها إلا القاضي ذو الحصافة والفطنة، لأنها تستدعي معرفة دقيقة بأسس الحضارة الإسلامية وتاريخها. فالعبارة الغامضة “ثالث سبعة وثمان” ليست مجرد أرقام متناثرة، بل هي إشارات دقيقة لمعانٍ عظيمة، تتكشف طبقاتها تباعاً لمن يمتلك مفاتيحها.
ينطلق خيط الحل الأول من الرقم “سبعة”. فهذا الرقم لا يُقصد به قيمته العددية المجردة، بل يحمل دلالة رمزية مباشرة تشير إلى أحد أركان القرآن الكريم الأساسية. والمقصود هنا هو السبع المثاني، وهو الاسم الذي تُعرف به سورة الفاتحة، فاتحة الكتاب وأم القرآن، والتي تتألف من سبع آيات تتكرر في كل صلاة. وبهذا، تكون المرأة قد أرست حجر الزاوية الأول في لغزها، رابطة إياه بأقدس النصوص.
وعلى نفس هذا المنوال، ننتقل إلى الرقم “ثمانية”. فكما أن السبعة لم تكن مجرد رقم، كذلك الثمانية ليست كذلك. إنها إشارة قرآنية أخرى، تستحضر مشهداً من يوم القيامة ورد في سورة الحاقة، حيث يقول الله تعالى: “وَيَحْمِلُ عَرْشَ الرَّحْمَنِ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ”. فالرقم ثمانية هنا يرمز إلى حملة العرش الثمانية، وهو مفهوم راسخ في العقيدة الإسلامية. وهكذا، يصبح لدينا ركيزتان للمعنى: السبع المثاني وحملة العرش الثمانية، وكلاهما من صميم القرآن.
إقرأ أيضا:من جماليات المنمنمات الإسلامية الدقة بالرسم وصغر الحجم التصميم صواب خطأوهنا تتجلى عبقرية المرأة وبراعة اللغز في كلمة “ثالث”. فبعد أن حصرت الإطار العام في القرآن الكريم من خلال الإشارتين السابقتين، تأتي كلمة “ثالث” لتحدد الشخصية المطلوبة بدقة متناهية. إنها لا تعني الحرف الثالث أو اليوم الثالث، بل تشير إلى شخصية تاريخية فذة، هو ثالث الخلفاء الراشدين، الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه، الذي يحتل المرتبة الثالثة في ترتيب الخلافة بعد أبي بكر وعمر.
بذلك، تكتمل الصورة ويتضح المقصد بجلاء. فالمرأة لم تقل اسم زوجها مباشرة، بل وصّفته وصفاً لا ينطبق إلا على شخص واحد. لقد قالت للقاضي: إن اسم زوجي هو اسم “الثالث” من الخلفاء، ذلك الرجل الذي ارتبط اسمه ارتباطاً وثيقاً بـ”السبع” (الفاتحة) و”الثمانية” (حملة العرش)، كونه هو من جمع المصحف الشريف الذي يحوي هذه السور والآيات العظيمة. فكانت جملتها تعني: “إنه عثمان”، وهو ما فهمه القاضي على الفور لعمق علمه وسعة إدراكه.
إقرأ أيضا:السحابة الإلكترونية هي منطقة حول النواة توجد فيها بروتونات الذرة صواب خطأ