السؤال: ماذا كان يقول الرسول صلى الله عليه وآله حين يأتي أحد لخطبة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام؟
- الإجابة: كان يقول إن أمرها إلى ربها، إن شاء أن يزوجها زوجها.
شرح الإجابة:
عندما بلغت السيدة فاطمة الزهراء، بضعة النبي وروحه التي بين جنبيه، سن الزواج، أصبحت محط أنظار كبار الصحابة وأشراف القوم، لما لها من منزلة فريدة ومكانة سامية لا تدانيها امرأة في الأمة. ولقد تقدم لخطبتها عدد من وجوه المجتمع البارزين، فكان الرد النبوي الشريف يأتي بصيغة واحدة، عميقة الدلالة وشديدة الحكمة، وهي أن أمرها متروك لقضاء الله وتدبيره. لم يكن هذا الجواب رفضًا مباشرًا لشخص الخاطب، ولا كان مجرد تأجيلٍ للأمر، بل كان إعلانًا واضحًا أن هذا الزواج ليس شأنًا أرضيًا يخضع للمقاييس المادية أو الاعتبارات الاجتماعية المعتادة من حسبٍ أو نسبٍ أو ثروة.
وهنا تتجلى أبعاد الرد العميق؛ فبقوله “أمرها إلى ربها”، يرفع النبي الكريم شأن هذا الرباط المقدس من كونه عقدًا اجتماعيًا إلى مصاف الاختيار السماوي. لقد كان هذا القول إشارة دقيقة إلى أن كفء السيدة فاطمة، سيدة نساء العالمين، لا يحدده البشر بمعاييرهم، وإنما يختاره رب السماء وفق ميزان إلهي خاص. وبهذه الطريقة، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يؤسس لمفهوم جوهري، وهو أن مكانة فاطمة الروحية والرسالية تتطلب ارتباطًا يوافق عليه الوحي، ويكون امتدادًا للنور المحمدي. وهكذا، كان ينتظر الإشارة الربانية التي ستحدد من هو الشخص الذي قدر له أن يكون قرينًا لسيدة نساء أهل الجنة.
ولما تقدم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وهو الذي تربى في حجر النبوة وبات على فراش النبي ليلة الهجرة وأول من آمن من الفتيان، تهلل وجه الرسول الأعظم واستبشر. لم يكن قبوله لخطبة الإمام علي قرارًا شخصيًا مبنيًا على العاطفة أو القرابة فحسب، بل كان استجابة مباشرة للأمر الإلهي الذي كان ينتظره. فكان زواج النور من النور تحقيقًا للتدبير السماوي الذي أشار إليه النبي مسبقًا، وتجسيدًا عمليًا لمقولته بأن أمرها إلى ربها، وقد شاء ربها أن يزوجها من هو كفؤها في إيمانه وسابقته وتضحيته، ليكون هذا الزواج المبارك منبعًا للذرية الطاهرة والأئمة الأطهار.