جدول المحتويات
عند الحديث عن جهاز المناعة، يتبادر إلى الأذهان على الفور سؤال عن كيفية عمله لحماية الجسم من الأمراض. إحدى أهم آليات الحماية هي تكوين الأجسام المضادة في الجسم بعد التعرض لمسبب المرض عن طريق الخلايا البائية المستنسخة، التي تستجيب لمولد ضد واحد فقط بفضل مستقبلاتها المتخصصة.
تنقسم هذه الخلايا لتكوين خلايا بلازمية منتجة للأجسام المضادة وخلايا ذاكرة توفر استجابة سريعة في المستقبل. دعونا نتعمق في هذه العملية المثيرة.
ما هي الخلايا البائية؟
الخلايا البائية (B cells)¹ هي جنود في الجهاز المناعي تنتمي إلى فئة الخلايا الليمفاوية. تشكل هذه الخلايا خط الدفاع المتخصص للجسم ضد مسببات الأمراض مثل البكتيريا والفيروسات. تتكون في نخاع العظم (Bone Marrow)، حيث تبدأ كخلايا غير ناضجة قبل أن تنضج وتصبح قادرة على أداء وظائفها الدفاعية.
كيف تتعرف الخلايا البائية على العدو
تخيل أن الخلايا البائية تحمل أجهزة استشعار دقيقة على سطحها تُسمى “مستقبلات الخلايا البائية” (BCR). تعمل هذه المستقبلات كأنها مفاتيح تتعرف على جزيئات خاصة تسمى المستضدات وهي أي مادة غريبة تُحفز استجابة مناعية، وقد يكون جزءًا من سطح بكتيريا أو فيروس.
بمجرد أن يتطابق المستضد مع مستقبل الخلية البائية، يحدث تحول كبير. تنشط الخلية البائية، مما يشبه إنذارا في الجهاز المناعي. تبدأ الخلية في الانقسام بسرعة وتتحول إلى نوعين من الخلايا: خلايا بلازمية وخلايا ذاكرة.
إقرأ أيضا:عند انتقال الضوء من الزجاج إلى الماء فإنه ينحرف مبتعداً عن العمود المقامدور الخلايا البلازمية وخلايا الذاكرة
الخلايا البلازمية هي خطوط الإنتاج في جهاز المناعة. تبدأ هذه الخلايا في تصنيع كميات هائلة من الأجسام المضادة المتخصصة وهي بروتينات تشبه القفازات المصممة لتتناسب تمامًا مع المستضد الذي تم التعرف عليه.
بمجرد أن تلتصق الأجسام المضادة بمسببات المرض، تعطل نشاطها أو تسهل تدميرها بواسطة خلايا أخرى في الجهاز المناعي.
أما خلايا الذاكرة، فهي أشبه بالأرشيف الخاص بالجسم. تحتفظ هذه الخلايا بمعلومات دقيقة عن المستضد لمواجهة سريعة إذا حدث تعرض مستقبلي لنفس العامل الممرض. هذا ما يجعل اللقاحات فعالة؛ فهي تحفز تكوين خلايا ذاكرة دون التسبب بالمرض.
أنواع الأجسام المضادة ووظائفها
من المثير للاهتمام أن الأجسام المضادة ليست كلها متشابهة. هناك خمسة أنواع رئيسية لكل منها دور خاص:
- IgM: أول جسم مضاد يتم إنتاجه عند الإصابة، يعمل كإشارة طوارئ وينشط النظام المكمل لتسريع الاستجابة.
- IgG: الأكثر شيوعًا والأطول عمرًا، ويوفر حماية طويلة الأمد.
- IgA: يتمركز في السوائل مثل اللعاب والدموع لحماية الأسطح المخاطية.
- IgE: يلعب دورا مهما في الدفاع ضد الطفيليات، ولكنه يرتبط أيضا بالحساسية.
- IgD: أقل الأنواع فهما، ويُعتقد أنه يساهم في تنشيط الخلايا البائية.
تطور الأجسام المضادة: التبديل والنضج
لتوفير استجابة أكثر تخصصا، يمكن للخلايا البائية إجراء تغييرات على نوع الأجسام المضادة التي تنتجها. تعرف هذه العملية بـ”تبديل الفئة” حيث تتحول من إنتاج IgM إلى أنواع أخرى مثل IgG. يحدث أيضا “النضج الجسدي”، وهو تحسين دقيق في تركيبة الأجسام المضادة لزيادة فعاليتها في مهاجمة المستضدات.
إقرأ أيضا:عندما تتضاعف الكروموسومات قبل الانقسام المنصف أو المتساوي تبقى كمية DNA داخل النواة كما هي: حقيقة أم خطأ؟آليات تنظيم الاستجابة المناعية
لكن ماذا لو أخطأت الخلايا البائية وهاجمت أنسجة الجسم نفسه؟ هنا يأتي دور “التحمل المناعي”، الذي يشمل مرحلتين:
- التحمل المركزي: يتم فيه التخلص من الخلايا البائية التي تتعرف على مستضدات الجسم الذاتية أثناء وجودها في نخاع العظم.
- التحمل المحيطي: يكمل هذه العملية خارج نخاع العظم، حيث يتم كبح نشاط الخلايا البائية التي قد تهاجم الأنسجة السليمة.
أهمية الخلايا البائية في الأمراض والعلاج
تلعب الخلايا البائية دورا مزدوجا؛ فهي تحمي الجسم من العدوى ولكنها قد تسبب مشاكل في بعض الحالات. في أمراض المناعة الذاتية تنتج أجساما مضادة تستهدف أنسجة الجسم نفسه.
إقرأ أيضا:السمة التي تميز الفقاريات تتمثل بوجودمن ناحية أخرى تستخدم الخلايا البائية في تطوير علاجات مثل الأجسام المضادة وحيدة النسيلة التي تستهدف الخلايا السرطانية.
ختاما: لماذا الخلايا البائية هي المفتاح
بفضل الخلايا البائية يمتلك جسمك نظاما ذكيا للحماية من مسببات الأمراض. سواء من خلال التعرف على المستضدات، إنتاج الأجسام المضادة، أو تكوين ذاكرة مناعية، فإنها تمثل قلب الاستجابة المناعية. لذا، في المرة القادمة التي تتعافى فيها من مرض أو تحصل على لقاح، تذكر أن جيش الخلايا البائية يعمل بجد لحمايتك.