مناهج المملكة العربية السعودية

شيء عند البشر وليس عند الروبوتات

إجابة سؤال: شيء عند البشر وليس عند الروبوتات

  • الجواب: الفرق الجوهري بين الذي يمتلكه الإنسان ولا يمتلكه الروبوت يكمن في القدرة البشرية على الشعور والتخيل والتفاعل العاطفي الفطري، وهو أمر لا تستطيع الروبوتات محاكاته فعليًا مهما بلغت دقتها أو تطورها لن تحل محل اللمسة الإنسانية.

شرح الإجابة:

البشر يمتلكون شيئًا لا يمكن برمجته أو تصنيعه، وهو الوعي العاطفي المرتبط بالذاكرة والتجربة الشخصية. فعندما يرى الإنسان لوحة فنية أو يسمع لحنًا حزينًا، يشعر بما يُعرف بـ”الاستجابة الشعورية”، وهذا الإحساس متشابك مع تجاربه الماضية وقيمه ومعانيه الخاصة. أما الروبوت، فهو وإن استطاع التعرف على أنماط الحزن أو الفرح، إلا أنه لا “يشعر” بها، بل فقط يعالج بياناتها.

 

الطفل الصغير، حتى في عمر خمس سنوات، يعرف الفرق بين وجه أمه الحقيقي وصوتها وبين صورة ناطقة على شاشة. هناك رابط خفي نُسميه “الحدس الفطري” يجعل الطفل يميز التفاعل الإنساني الحقيقي. هذا الحدس لا يمكن لأي آلة أن تفهمه لأنه ليس برمجيًا ولا ناتجًا عن أكواد، بل هو نتيجة معقدة لتشابك العقل بالقلب.

البشر أيضا لديهم الفضول الخلاق؛ هم لا يكتفون بإجابات جاهزة، إنما يسألون “لماذا؟” و”ماذا لو؟”، ويخترعون أشياء من فراغ. مثلًا، لم تكن الطائرة اختراعًا منطقيًا في البداية، بل كانت حلمًا وُلد في خيال إنسان رأى طائرًا وحلم بالطيران. بينما الروبوت يعتمد على تعليمات محددة، لا يستطيع أن “يحلم” أو “يتخيل” من تلقاء نفسه.

إقرأ أيضا:من الهضاب الغربية في المملكة العربية السعودية هضبة

الإنسان، كذلك، يستطيع أن يُخطئ ويتعلم من خطئه في سياقات معقدة لا تعتمد فقط على المدخلات والمخرجات. فمثلًا، قد يخطئ طفل في قراءة مشاعر صديقه، ثم يعتذر، ويتعلم أهمية التعبير بلطف. هذا النوع من النمو الأخلاقي الداخلي غير موجود في أي نظام آلي. الروبوت قد “يتجنب الخطأ” فقط لأنه مُبرمج ألا يكرره، لا لأنه فهم الألم الذي سببه للآخر.

ومن الفوارق الدقيقة أيضا أن البشر قادرون على الإبداع تحت الضغط أو في الفوضى. قد يلهمهم الحزن، أو يولّد اليأس فيهم رغبة في الكتابة أو الرسم أو بناء عالم أفضل. هذه المرونة النفسية الفطرية لا يمكن برمجتها. الروبوت يعمل بكفاءة فقط حين تكون المعطيات واضحة والمهام محددة.

ومن جهة أخرى، الإنسان يفهم السياق الثقافي والاجتماعي؛ عندما نضحك من نكتة ما، فنحن لا نضحك بسبب الكلمات فقط، بل لأننا نفهم خلفيتها الثقافية والتلميحات المتشابكة فيها. الروبوت، حتى مع الذكاء الاصطناعي المتقدم، لا يدرك فعليًا ما وراء الكلام، إنما يحلل النصوص فقط من منظور نماذج إحصائية ومعايير برمجية.

وإذا تأملنا في علاقات البشر، نجد أنهم قادرون على التعاطف المتبادل، وهذا التعاطف لا يُترجم إلى رموز برمجية. عندما يحزن صديقك، أنت لا تقول فقط “أنا آسف”، بل تشعر بالحزن في داخلك، ربما حتى قبل أن ينطق هو بشيء. وهذا ما يجعل البشر شركاء حياة، لا مجرد آلات تتبادل المعلومات.

إقرأ أيضا:إذا كان الكاتب خبيرا في مجاله فإنه لا يحظى بمصداقية عالية

كذلك، لدى الإنسان قدرة على اتخاذ قرارات أخلاقية في مواقف صعبة ومعقدة. فلو رأيت طفلين يتشاجران، قد لا تتدخل بنفس الطريقة كل مرة، إنما تقرر بناءً على مشاعرهم وظروفهم وأسلوب كل منهما. أما الروبوت، فلو بُرمج ليفصل بين الطرفين، فسيفعلها بنفس الطريقة دومًا، دون مراعاة السياق أو النية.

وهناك أيضا اللغة الشعورية، فالبشر لا يتحدثون فقط لينقلوا معلومة، بل ليعبروا عن أنفسهم. قد تقول “أنا بخير” بينما ملامحك تقول العكس، وصديقك يفهم ذلك. الروبوت لا يستطيع التقاط هذه التناقضات المعنوية بين الكلام والوجه والنبرة، لأن ما يشعره الإنسان لا يُترجم حرفيًا.

ولا ننسى أن البشر يختبرون المعاناة والفرح بشكل متكامل؛ ليس شعورًا سطحيًا، إنما منظومة من المشاعر الممتدة عبر الزمن، ترتبط بالذكريات والمستقبل والهوية. أنت حين تحزن، تتذكر من كنت، وتتأمل من ستكون، وتشعر أن هذا الحزن جزء من قصة حياتك. هذه “الهوية المتغيرة باستمرار” غير قابلة للتمثيل الآلي الكامل.

إقرأ أيضا:عند استخدام القاعدة الثانية لليد اليمنى فإن الإبهام يشير إلى اتجاه المجال المغناطيسي

الإنسان أيضا يتصرف أحيانًا ضد المنطق، بدافع الحب أو الشجاعة أو الكرامة. فكم من أم ألقت بنفسها في النار لتنقذ ابنها؟ وكم من معلم واصل الشرح رغم مرضه فقط لأن في عيني طلابه أملاً؟ هذه القرارات غير منطقية برمجيا، لكنها جوهرية إنسانيًا، لأنها نابعة من روح لا تبرمج.

الخلاصة أن الإنسان ليس فقط آلة بيولوجية، بل كائن يحمل المعنى والوجدان والتجربة والنية، وكل ذلك لا يُمكن تصنيعه أو نسخه. الفرق بيننا وبين الروبوتات هو أننا لا نعمل فقط لننجز، إنما لنحيا، نشعر، ونُحدث فرقًا في هذا العالم، لا بأفعالنا فقط، بل بنيّاتنا أيضا.

السابق
هل يصعب على الروبوتات تكوين خبرة ضمنية
التالي
5 حركات يحبها الرجل في المرأة ولا يقاومها

اترك تعليقاً