من الأسئلة المتداولة في مجال التاريخ والسياسة هو لماذا تعددت أشكال الاستعمار عبر التاريخ، ومن الجدير بالذكر أن الاستعمار لم يقتصر على شكل واحد أو نمط محدد بل تطور وتغير بتغير الظروف والمصالح السياسية والاقتصادية للدول المستعمرة.
وبعون الله تعالى سوف نتحدث في هذا المقال عن أسباب هذا التعدد في أشكال الاستعمار ونحاول توضيح الإجابة بشكل مبسط وسهل ليتسنى للطلاب فهم الموضوع بوضوح.
مفهوم الاستعمار
الاستعمار هو عملية سياسية واقتصادية وثقافية تقوم على سيطرة دولة قوية على أخرى أضعف، بهدف استغلال مواردها الطبيعية والبشرية¹. نشأ من دوافع مختلفة منها الدينية والاقتصادية والتوسعية. وقد تسبب في تدمير الحضارات وتشويه الهويات الثقافية للشعوب المستعمَرة، وفرض أنماط حياة وأفكار غريبة عليها.
يميز المؤرخون بين نوعين رئيسيين من الاستعمار: القديم والحديث.
بدأ الاستعمار القديم في العصور الوسطى، حيث سعت الدول الأوروبية إلى اكتشاف أراضٍ جديدة وتوسيع نفوذها الديني والتجاري.
أما الاستعمار الحديث، فارتبط بالثورة الصناعية وزيادة الطلب على المواد الخام والأسواق. وقد شهد هذا النوع من تطورات كبيرة في القرنين التاسع عشر والعشرين، حيث قسمت الدول الاستعمارية العالم بينها فترك آثارا سلبية عميقة على الشعوب المستعمَرة، منها:
- التخلف الاقتصادي والاجتماعي،
- تدمير البنية التحتية،
- تشريد السكان،
- فرض ثقافات غريبة،
- قمع الحريات،
- تقسيم المجتمعات.
وقد استمر تأثير الاستعمار في العديد من البلدان حتى بعد استقلالها.
إقرأ أيضا:وحدة البناء الأساسية في جسم الفطريات عديدة الخلايا هي- استمر الاستعمار لقرون عديدة لأسباب متعددة، منها:
- التفاوت في القوى العسكرية والتكنولوجية بين الدول الاستعمارية والمستعمَرة.
- الاعتماد الاقتصادي للمستعمرات على الدول الأم.
- الافتقار إلى الوحدة الوطنية في العديد من البلدان المستعمَرة
- الدعم الدولي للاستعمار.
أشكال الإستعمار
التاريخ مليء بأمثلة على الدول القوية التي سيطرت على دول أخرى وأخذت منها ثرواتها أو فرضت عليها ثقافتها. لهذا تعددت اشكال وطرق الاستعمار فكل طريقة لها اسمها الخاص، مثل²:
- الاستيطاني: زي ما عملوا الأوروبيين لما رحلوا لأمريكا وأستراليا وسكنوا هناك وسيطروا على أهل البلد الأصليين.
- الاقتصادي: زي ما كانت الدول الكبيرة بتسيطر على تجارة الدول الصغيرة وتاخد منها المواد الخام الرخيصة.
- الثقافي: لما الدول الكبيرة بتفرض لغتها وعاداتها وتقاليدها على الدول الصغيرة.
- السياسي: لما دولة كبيرة بتسيطر على حكومة دولة صغيرة وتتحكم في قراراتها.
- الزراعي: زراعة محاصيل معينة في دولة ما لتلبية احتياجات الدولة المستعمرة.
- الاستخراجي: استخراج الثروات الطبيعية من دولة ما مثل الذهب والنفط.
- الديني: نشر دين معين في دولة أخرى.
لماذا تعددت اشكال الاستعمار
لم يكن الاستعمار ظاهرة ثابتة الشكل، بل تطورت أشكاله وتنوعت أساليبه بقدر ما تطورت الأهداف والدوافع التي تقف وراءه. ففي البداية، كان يهدف بشكل أساسي إلى السيطرة على الأراضي والموارد الطبيعية، ولكن مع مرور الزمن، تطورت الأهداف لتشمل جوانب سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية.
إقرأ أيضا:وحدة البناء الأساسية في جسم الفطريات عديدة الخلايا هيتعددت أشكال الاستعمار بدافع الرغبة في تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية ضخمة. فإلى جانب البحث عن أسواق جديدة لتصريف المنتجات الصناعية، سعت الدول الاستعمارية إلى السيطرة على مصادر المواد الخام الأساسية مثل المعادن والنفط والقطن، لتعزيز قوتها الصناعية والتجارية.
فالتنافس بين الدول الأوروبية على النفوذ والتوسع، بالإضافة إلى الثورة الصناعية التي زادت الطلب على المواد الخام والأسواق، فتعددت أشكال الاستعمار لتتناسب مع الظروف المتغيرة لكل دولة مستعمرة ودولة مستعمرة عليها.
فبعض الدول استخدمت القوة العسكرية المباشرة لفرض سيطرتها، بينما لجأت دول أخرى إلى أساليب أكثر دهاءً مثل التحالفات التجارية والنفوذ الثقافي.
إقرأ أيضا:حضورك بمظهر لائق يعني أنك تراعي الأسس عند اختيار ملابسككما أن طبيعة الموارد المتاحة في كل منطقة مستعمرة أثرت على شكل الاستعمار الذي تمارسه الدول عليها. فالدول الغنية بالمعادن مثلاً كانت تتعرض لاستعمار استغلالي يركز على استخراج الثروات المعدنية، بينما كانت الدول الزراعية تتعرض لاستعمار زراعي يهدف إلى إنتاج المحاصيل التجارية.
بالإضافة إلى الأسباب الاقتصادية والسياسية، لعبت الأيديولوجيات الدينية والثقافية دوراً هاماً في تشكيل أشكال الاستعمار. فقد استخدمت بعض الدول الاستعمارية الديانة كذريعة لتبرير سيطرتها على الشعوب الأخرى، وفرضت ثقافتها وقيمها على الشعوب المستعمرة. كما أن الرغبة في نشر الحضارة الأوروبية وتمدين الشعوب الأخرى كانت من الدوافع التي دفعت بعض الدول إلى الاستعمار.